وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ»(١) صريحٌ في أنه ليس المراد إثبات عينٍ واحدةٍ ليس إلَّا، فإن ذلك عورٌ ظاهرٌ، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا. وهل يَفهم مِن قول الداعي:«اللهم احرُسْنا بعينِكَ التي لا تنامُ» أنها عينٌ واحدةٌ ـ ليس إلَّا ـ إلَّا (٢) ذهنٌ أقلفُ وقلبٌ أغلف.
قال خلف بن تميم (٣): حدثنا عبد الجبار بن كثير، قال: «قيل لإبراهيم بن أدهم: هذا السبع! فنادى: يا قسورة، إن كنت أُمرتَ فينا بشيءٍ وإلَّا. يعني: فاذهب. فضرب بذَنَبه، وولَّى مُدبِرًا. فنظر إبراهيم إلى أصحابه وقال: قولوا: اللهم احرُسْنا بعينك التي لا تنام، واكْنُفْنا بكَنَفِك الذي لا يُرام، وارحمنا بقدرتك علينا، ولا (٤) نَهلِكُ وأنت الرجاء» (٥).
قال عثمان الدارمي (٦): الأعور ضد البصير بالعينينِ، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدجَّال:«إنَّهُ أَعْوَرُ، وَإنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ»(٧).
(١) أخرجه البخاري (٧١٣١) ومسلم (٢٩٣٣) عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -. (٢) «إلا» سقط من «ح». (٣) «ح»: «بهم». وهوتحريف، وخلف بن تميم بن أبي عتاب التميمي الدارمي ترجمته في «تهذيب الكمال» (٨/ ٢٧٦). (٤) «لا» ليس في «ب». (٥) أخرجه ابن أبي الدنيا في «مجابو الدعوة» (١٠١) واللالكائي في «كرامات الأولياء» (٢٢٤) وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (٨/ ٤) والخطيب في «الزهد» (١٠٦) وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٦/ ٣١٩). (٦) «النقض على المريسي» (١/ ٣٠٥). (٧) متفق عليه، وقد تقدم تخريجه.