أجلِّ كُتبه الصغار ـ وهذا لفظه:«وقال بعض أهل العلم: إن الجهمية
[ق ١١٩ ب] هم المُشبِّهة؛ لأنهم شبهوا ربَّهم بالصنم والأصم والأبكم الذي لا يسمع ولا يبصر ولا يتكلم ولا يَخلُق، وقالت الجهمية كذلك لا يتكلم ولا يبصر نفسه» (١). والمقصود أن توحيدهم غاية التعطيل والتشبيه = فإذا تكلموا فيه قرروه بالأصل الأول. فإذا جاؤوا إلى الكتاب والسُّنَّة قرروا نفيَ دلالتهما بوجوهٍ (٢):
أحدها: أن النصوص أدلةٌ لفظيةٌ لا تُفيد علمًا ولا يقينًا.
الثاني: أن الأخبار أخبار آحاد لا تُفيد العلم، وهذه المسائل علمية.
الثالث: أن العقل إذا عارض النقل وجب تقديمُ العقل عليه.
الرابع: استعمال التأويلات وأنواع الاستعارات والمجازات في نصوص الصِّفات.
وقد أوصاهم سلفُهم بكلمتين يتداولهما (٣) منهم آخر عن أول، قالوا: إذا احتجَّ عليكم أهل الحديث بالقرآن فغالطوهم بالتأويل، وإذا احتجوا بالأخبار فقابلوها بالتكذيب. وإذا مهَّدوا هذين الأصلين انبنى لهم عليهما أصلان آخران أدهى منهما وأمرُّ: التكذيب بالحق الذي جاءت به الرسل، ونزلت به الكتب وإساءة الظن به، وتسليط التحريف عليه، والتصديق بالباطل الذي يسمونه قواطع عقلية. وصدَقوا وكذَبوا! فهي قواطع، ولكن