يقولوا: إن الله لم يكلم موسى. ويريدون أن يقولوا: ليس في السماء شيءٌ، وإن الله ليس على العرش. أرى أن يُستتابوا، فإن تابوا وإلَّا قُتلوا» (١).
وذكر أيضًا عن سعيد بن عامر الضبعي أنه ذُكِر عنده الجهمية، فقال:«هم شرٌّ قولًا من اليهود والنصارى، قد أجمع اليهود والنصارى وأهل الأديان مع المسلمين على أن الله على العرش، وهم قالوا: ليس عليه شيءٌ»(٢).
فهذا وأضعافه قليلٌ من كثيرٍ من شهادة شهداءِ الله في أرضه، الذين استشهدهم على توحيده وقرَنَ شهادتهم (٣) بشهادته وشهادة ملائكته (٤)، وعدَّلهم رسوله - صلى الله عليه وسلم - بقوله:«يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ»(٥). وهؤلاء شهداء الله على الناس يوم القيامة، كما قال تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى اَلنَّاسِ وَيَكُونَ اَلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}[البقرة: ١٤٢] فإنهم قاموا بشروط الشهادة، وهي العلم والعدل، فإن الشاهد لا يكون مقبولًا حتى يكون عالمًا بما يشهد له عدلًا في نفسه. ولم يكن الله سبحانه ليجمع شهادة هؤلاء ـ الذين هم ورثة رسوله وأنصار دِينه ولهم لسان الصدق في الأمة ـ على باطلٍ وزورٍ، وتكون شهادة أتباع أهل
(١) تقدم (ص ٩٨٨) تخريجه. (٢) تقدم (ص ٨٨١) تخريجه. (٣) «ح»: «شهادهم». (٤) قال الله تعالى: {شَهِدَ اَللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَاَلْمَلَائِكَةُ وَأُوْلُوا اُلْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ اَلْعَزِيزُ اُلْحَكِيمُ} [آل عمران: ١٨]. (٥) تقدم (ص ٩٢٦) تخريجه.