٤٤١ - حدثنا محمد بن الجُنَيد الدَّقَّاق (١)، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا حماد بن سلمة، عن ثابت البُناني، عن أنس بن مالك، عن عبد الله بن مسعودٍ عن النبي ﷺ قال:"إِنَّ آخِرَ مَن يدخل الجنَّة لَرَجُلٌ يمشي على الصِّراط فَيَنْكُبُ (٢) مرَّة ويَمشي مرة وتسفَعُهُ (٣) النار مرة، فإذا جَاوز الصِّراطَ التفتَ إليها فقال: تبارك الذي نَجَّاني منكِ (٤)، لقد أعطاني الله مَا لم يعطِ أحدًا مِنَ الأوَّلين والآخرين".
⦗١٠٨⦘ قال:"فتُرفَعُ له شجرةٌ فيَنْظُر إليها فيقولُ: يا ربِّ أَدْنِني من هذه الشَّجرةِ فأستظِلَّ بظِلِّها وأشرَبُ من مائها، فيقول: يا عبدي فَلَعلّي إن أَدْنَيتُك منها سألتَني غَيرَها؟ فيقول: لا، يا ربِّ، ويُعَاهِدُهُ ألا (٥) يسألَه غيرَها، وَالرَّبُّ ﵎(٦) يَعلم أنَّه سَيَسْأله؛ لأنَّه يرى ما لا صَبْر له عليه، فَيُدْنِيهِ منها.
ثمَّ تُرْفَعُ له شجرةٌ هي أحسَنُ منها، فيقول: يا ربِّ أَدْنِني من هذه الشَّجَرةِ فاستظِلَّ بِظِلِّها وأشربُ من ماءها، فيقول: يا عبدي ألم تعاهدْني ألا تسألَني غَيرَها؟ فيقول: يا ربِّ، هذه لا أسألك غيرها، فَيُدْنِيهِ منها.
(فَتُرفَعُ له شَجرةٌ عندَ بابِ الجنّةِ هِي أحسَنُ منها فيقول: يا ربِّ أَدْنِني من هذه الشَّجرةِ أستظِلُّ بِظِلِّها وأشربُ من مَائِها، فيقول: أي عَبْدي ألم تُعَاهِدْني ألا تسالَني غَيرَها؟ فيقول: يا ربِّ هذه لا أسألك غيرها) ويُعاهده (٧)، وَالرَّبُّ تعالى (٨) يعلم أنَّه سَيَسْألُه غَيرَها، لأنَّه يرى ما لا صبر له عليه، فَيُدْنيه منها، فَيَسْمَعُ أصواتَ أهلِ الجنَّةِ قال: فيقول: [أي ربِّ](٩): أدخِلْني الجنَّةَ، قال: فيقول: أَيْ عبدي ألم
⦗١٠٩⦘ تُعَاهِدْني ألا تَسْألَني غَيرَها؟ فَيَقول: يا ربِّ أدخِلْني الجنَّةَ، قال: فيقول ﵎(١٠): ما يَصْرِيْنِي (١١) منك أيْ عبدي، أَيُرضيك أن أُعْطِيَك من الجنَّةِ مثلَ الدُّنيا ومثلَها مَعَها؟ قال: فَيَقُولُ: أتهزَأُ بي أَيْ رَبِّ، وَأنتَ ربُّ العزّةِ؟ ".
فضحِك عبد الله حتى بَدَتْ نواجِذُهُ (١٢)، قال: ألا تسألوني لم ضحكتُ؟ قال: لضَحِكِ رسول الله ﷺ، ثم قال لنا رَسولُ الله ﷺ:"ألا تسألوني لم ضحكتُ؟ " قالوا: لم ضحِكتَ يا رسول الله؟ قال:"لِضَحِكِ الرَّبِّ تعالى (١٣) حينَ قال: أتهزأ بي وأنتَ ربُّ العزّةِ؟ "(١٤).
(١) هو: محمد بن أحمد بن الجنيد البغدادي، أبو جعفر الدقاق. (٢) أي يعدل عن الطريق ويميل عنه، ونكب عن الطريق نكوبًا من باب: قَعَدَ. انظر: النهاية لابن الأثير (١١٢)، المصباح المنير للفيومي (ص: ٦٢٤). (٣) قال النووي: "معناه: تضرب وجهه وتسوِّده وتؤثِّر فيه أثرًا". شرح مسلم (٣/ ٤٢). (٤) في (ط) و (ك): "منها". (٥) في (م): "من لا" ولعله سبق قلم. (٦) عبارة الثناء على الله ﷿ ليست في (ط) و (ك). (٧) كلمة "ويعاهده" سقطت من (م). (٨) كلمة "تعالى" ليست في (ط) و (ك). (٩) ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك). (١٠) في (ط) و (ك): "فيدنيه منها، قال: فيقول ربنا ﵎: ما يصري منك … " بدل قوله: "فيقول: يا رب أدخلني الجنة قال: فيقول ﵎: ما يصريني منك". (١١) قال النووي: "بفتح الياء وإسكان الصاد المهملة، ومعناه: يقطع مسألتك مني". انظر: شرح مسلم للنووي (٣/ ٤٢). (١٢) النواجذ واحدتها ناجذة وهي من الأسنان، واختلف فيها قال ابن الأثير: "الأكثر الأشهر أنها أقصى الأسنان". انظر: النهاية لابن الأثير (٥/ ٢٠). (١٣) في (ط) و (ك): "﷿" بدل: "تعالى". (١٤) أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (١/ ٣٩١ - ٣٩٢) عن يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة به، وقد أخرجه البخاري ومسلم من غير هذا الطريق كما سيأتي.