وقلوب الخلق يُصَرِّفها كيف يشاء، فالمُوَفَّق من بَدَا عمله بالسَّعادة وخُتِمَ بها، والمَخْذُول عكسه، وكذا من بدا بالخَيْر وخُتِمَ بالشَّر لا عكسه. وأهل الطريق في كُل حالهم يخافون سوء الخاتِمَة -نجانا الله منها- (١).
وتصرُّف الله في خلقهِ ظاهِرًا: إمّا بِخرْقِ العادات كالمُعْجِزة، وإِمَّا بِنَصبِ الأدلة والأمارة كالأحكام التَّكليفية؛ أو باطنًا: إما بتقدير الأسباب نحو: {وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ}[الأنفال: ٤٢] وشِبهه.
وفي الحديث إشارةٌ إلى تعاطي الأسباب للسَّعادة والشَّقاوة، وبها يظهر ما جُبِلَ عليه مِن الخير والشَّر:{لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}[النساء: ١٦٥]، ثمَّ لا يَنْبَغي له مع ذلك أن يعجب بها خوف احتِبَاطها، ومن لُطْفِ الله تعالى أنَّ انقلابَ الناس مِنَ الخَيْر إلى الشَّر نَادِرٌ، والكثيرُ عكسه "إنَّ رحمَتي سَبَقَت غَضبِي"(٣).
خاتِمَة: الكافر والعاصي يختلفان في التَّخليد وغيره، فالكافر مخلدٌ في النَّار أبدًا، والعاصي المُوَحِّدُ لا يُخَلدُ، وأَمرُهُ في التَّعذيب إلى رَبِّه.
(١) قال الإمام ابن القيم: "ولقدْ قَطَعَ خوفُ الخَاتِمَة ظُهورَ المتَّقين". "الجواب الكافي" (١٠٤). (٢) روه مسلم (٤/ ٢٠٤٥ رقم ٢٦٥٤) من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -. وهذه الفائدة قارنها بـ "التَّعيين" (٨٧، ٩٠). (٣) رواه البخاري (٩/ ١٢٥ رقم ٧٤٢٢، ٧٤٥٣، ٧٥٥٣، ٧٥٥٤)، ومسلم (٤/ ٢١٠٧ رقم ٢٧٥١) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.