السادس: قولها: «ثم غسل سائر جسده»: غّلط الحريري في «درة الغواص» من استعمل سائرا بمعنى: الجميع، ووهمه، واستدل على ذلك بحديث غيلان، الذي قال فيه - صلى الله عليه وسلم - وفارق سائرهن (١)؛ أي: من بقي بعد الأربع اللاتي تختارهن، قال: ولما وقع سائر في هذا الموضع بمعنى: الباقي الأكثر، منع بعضهم من استعماله بمعنى: الباقي الأقل.
قال: والصحيح أنه يستعمل في كل باق قل أو كثر؛ لإجماع أهل اللغة على أن معنى الحديث:«إذا شربتم فاسأروا»(٢)؛ أي: أبقوا في الإناء بقية ماء؛ لأن المراد به: أن يشرب الأقل، ويبقي الأكثر، وإنما ندب إلى التأدب بذلك؛ لأن الإكثار من المطعم والمشرب منبأة عن النهم، وملأَمة عند العرب.
قال: ومما يدل أن «سائرا» بمعنى باق: ما أنشده سيبويه: [الطويل]
ترى الثور فيها مدخل الظل رأسه .... وسائره باد إلى الشمس أجمع (٣)
(١) رواه الإمام الشافعي في مسنده (ص: ٢٧٤)، وابن حبان في صحيحه (٤١٥٧)، وغيرهما من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما-. وانظر الكلام عنه في التلخيص الحبير لابن حجر (٣/ ١٦٨). (٢) ذكره أبو عبيد في غريب الحديث (٢/ ٢٩٢) فقال: ويروى عن جرير ابن عبد الله البجلي أنه قال لبنيه، فذكره. (٣) انظر: الكتاب لسيبويه (١/ ١٨١). وانظر: خزانة الأدب للبغدادي (٤/ ٢٣٥).