قلت: وقد استدلَّ بعضُ متأخري أصحابنا على تخصيص الاستثناء بأسماء اللَّه -تعالى-، وصفاته؛ بأن قال: رُوي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنه قال: "إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، مَنْ كَانَ حَالِفًا، فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ، أَوْ لِيَصْمُتْ"(١)، فنهى -عليه الصلاة والسلام- عن الحلف بغير اللَّه -تعالى-، وجعلَ اليمينَ المشروعةَ هي اليمينُ باللَّه -تعالى- لا غيرُ، فلما قال (٢) -صلى اللَّه عليه وسلم-: مَنْ حَلَفَ فَاسْتَثْنَى، عَادَ كَمَنْ لَمْ يَحْلِفْ، انصرف هذا (٣) الاستثناءُ إلى اليمين باللَّه المشروعة التي أمر الشرعُ باليمين بها، وصار معنى الكلام: مَنْ حلف باللَّه، فاستثنى، عادَ كمنْ لم يحلف.
قال: وأما غيرُ المشروعة (٤)، فلا ينصرفُ إليها (٥)؛ لأنها منهيٌّ عن الحلف بها.
وقوله:"لأَطوفنَّ الليلةَ على سبعين امرأة"، وفي بعض الروايات؛ "لأُطِيفَنَّ"(٦) عَلَيْهِنَّ اللَّيْلَةَ، لغتان فصيحتان: طافَ بالشيء، وأَطافَ به: إذا طافَ (٧) حولَه، وتكرَّرَ عليه، فهو طائِفٌ، ومُطيفٌ، وهو هاهنا كنايةٌ عن الجِماع.
(١) تقدم تخريجه قريبًا. (٢) في "ت" زيادة: "النبي". (٣) في "ت": "هو في". (٤) من قوله: "التي أمر الشرع. . . " إلى هنا ليس في "ت". (٥) في "ت" زيادة: "الاستثناء". (٦) تقدم تخريجه عند مسلم برقم (١٦٥٤/ ٢٤). (٧) في "ت": "دار".