وَمِن بابِ حدِّ الخَمْرِ
فِى تَسْمِيَةِ الخَمْرِ خَمْرًا ثَلاثَةُ أَقَوْالٍ، أَحَدُها: أَنَّها تَخْمُرُ العَقْلَ، أَيْ: تَسْتُرُهُ، أُخِذَ مِنْ خِمارِ المَرأَةِ الَّذِي تَسْتُرُ بِهِ رَأْسَها. وَالْخمَرُ: الشَّجَرُ الكَثيرُ الَّذى يُغطىِّ الأَرْضَ (١)، قالَ (٢):
. . . . . . . . . . . . . ... فَقَدْ جَاوَزْتُمَا خَمَرَ الطَّريقِ
الثَّانِي: أَنَّهَا تُخَمرُ نَفْسُها لِئَلَّا يَقَعَ فِيهَا شَيْىءٌ يُفْسِدُها، وَخُصَّتْ بِذَلِكَ، لِدَوَامِهَا تحْتَ الغِطاءِ لِتَزْدادَ جَوْدتُها وَشِدَّةُ سَوْرَتِها، وَمِنهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: "خَمِّروا الْآنِيَةَ" (٣) أَيْ: غَطُّوها.
الثّالثُ: لِأَنَّها تُخامِرُ العَقْلَ، أَيْ: تُخالِطُهُ، قالَ الشّاعِرُ (٤):
فَخامَرَ الْقَلْبَ مِنْ تَرْجيعِ ذِكْرَتِها ... رَسٌّ لَطيفٌ وَرَهْنٌ مِنْكَ مَكْبولُ
قَوْلُهُ تعالَى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} (٥) المَيْسِرُ: الْقِمارُ، قالَ مُجاهِدٌ: كُلُّ شَيءٍ فِيهِ قِمارٌ فَهُوَ مَيْسِرٌ حَتَّى لَعِبِ الصِّبْيانِ بِالجَوْزِ (٦). وَقالَ الْأَزْهَرِي (٧): الْمَيْسِرُ: الْجَزورُ الَّتي كانوا
(١) الزاهر ١/ ٥٤٢، والدر النثير ٢/ ٤٠٤، ٤٠٥، وغريب الخطابي ٢/ ١٣٣.(٢) أنشده الفراء عن بعض العرب في معاني القرآن ٢/ ٣٥٥، وصدره:أَلَا يَا عَمْرُو وَالضَّحاكَ سِيرَا ... . . . . . . . . . . . . .وذكر من غير نسبة في شرح المفصل ١/ ١٢٩، والهمع ٢/ ١٤٢، والدرر ٢/ ١٩٦، ١٩٧، وجمل الزجاجى ١٦٥، وفي حاشية نسخة من مجاز القرآن ٢/ ١٤٣، والدر المصون ٢/ ٤٠٤.(٣) غريب الحديث ١/ ٢٣٨، والفائق ١/ ٣٩٥، والنهاية ٢/ ٧٧.(٤) لم أهتد إلى قائله.(٥) سورة المائدة آية ٩٠.(٦) معاني النحاس ١/ ١٧٤، وتفسير الطبرى ٢/ ٣٥٧، والقرطبى ٣/ ٥٢.(٧) في تهذيب اللغة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute