ومعناه صحيح؛ فقد كانت من عادته - صلى الله عليه وسلم - أن يستفصل ويستقصي بحيث لا يدع غاية في البيان ولا إشكالا في الإيضاح.
الثالث: سكوته - صلى الله عليه وسلم - على حكم لو كان مشروعًا لبينه، فإنه يدل على عدم الحكم (١).
ومن أمثلته: القول بأن المرأة لا كفارة عليها في الوقاع في نهار رمضان؛ إذ لو وجبت على المرأة كفارة لبَيَّنَهَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأمر الأعرابي بتبليغ ذلك لأهله؛ كما أمر أنيسًا لمَّا قال له:«واغْدُ يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارْجُمْها»(٢).
ومما يدل على ذلك: قوله - صلى الله عليه وسلم - «إن الله - عز وجل - فرض فرائض فلا تضيعوها وحرَّم حُرُمات فلا تنتهكوها وحدَّ حدودًا فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء رحمة لكم من غير نسيان فلا تبحثوا عنها»(٣).
ويدل على ذلك - أيضًا - قول ابن عباس - رضي الله عنهما - «وما سكت عنه فهو مما عفا عنه»(٤).
(١) انظر: مفتاح الأصول ص (٥٨١ - ٥٨٣) والموافقات (١/ ١٦١) وما بعدها. (٢) أخرجه البخاري ص (٥٦٢) برقم (٢٧٢٤ - ٢٧٢٥) ومسلم ص (٩٠٢) برقم (١٦٩٧، ١٦٩٨). (٣) أخرجه الدارقطني في سننه (٤/ ١٨٣) برقم (٤٢) من كتاب الرضاع والحديث حسنه النووي في الأربعين النووية: الحديث الثلاثون. (٤) أخرجه أبو داود (٣/ ٣٥٤) برقم (٣٨٠٠) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي انظر المستدرك (٤/ ١١٥) وقد رواه مرفوعًا ابن ماجه في سننه (١/ ١١١٧) برقم (٣٣٦٧) والترمذي (٤/ ٢٢٠) برقم (١٧٢٦) وقال حديث غريب لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه, وقال: وكأن لحديث الموقوف أصح.