أما ثلاثة الأحوال التي لـ «كي» فقد اشتمل عليها لفظ الكتاب؛ لأن قوله:
وينصب بـ «كي» نفسها، إلى قوله: إن كانت الجارّة - إشارة إلى الحالة المحتملة للأمرين، وقوله: وتتعين الأولى بعد اللّام - إشارة إلى الحالة التي هي فيها مصدرية، واحترز بقوله: غالبا من قوله:
٣٧٩٤ - أردت لكيما أن تطير بقربتي
فإنه قد جوز فيه أن تكون جارة في أحد الوجهين مع أنها بعد «اللام»، لكن ورود ذلك نادر. وقوله: والثّانية قبلها - إشارة إلى الحالة التي هي جارة، ومثال ذلك قول حاتم:
٣٧٩٥ - فأوقدتّ ناري كي ليبصر ضوؤها ... وأخرجت كلبي وهو في البيت داخله (٢)
وقول الطرماح (٣): -
(١) هذا عجز بيت من الوافر لمسلم بن معبد الوالبي، وصدره قوله: فلا والله لا يلفى لما بي الشرح: يلفى فعل مضارع مبني للمجهول ماضيه المبني للمعلوم ألفى ومعناه: وجد، وقوله: ما بي، أي الذي استقر بي، وأراد به ما في نفسه من الهم والحزن والكدر مما يفعل به قومه، وأراد بقوله: ما بهم، ما في أنفسهم من الغل والحقد والحسد. والشاهد في قوله: «للما بهم» حيث كررت فيه «اللام» وهي حرف واحد وهو غاية في الشذوذ والقلة، وذكر البغدادي في الخزانة (١/ ٣٦٦) أن صاحب منتهى أشعار العرب روى البيت هكذا: فلا والله لا يلفى لما بي ... وما بهم من البلوى دواء والبيت في معاني القرآن (١/ ٦٨)، والمحتسب (٢/ ٣٥٦)، والإنصاف (ص ٥٧١)، وابن يعيش (٧/ ١٨)، (٨/ ٤٣)، (٩/ ١٥)، والمقرب (١/ ٢٣٨)، وحاشية الصبان (٣/ ١٨١). (٢) هذا البيت من الطويل منسوب في مراجعه لحاتم الطائي وليس في ديوانه. والشاهد فيه قوله: «كي ليبصر ضوؤها» فإن «كي» فيه تتعين حرفا جارّا للتعليل بمعنى «اللام» لظهور «اللام» بعدها، وإنما جمع بينهما للتأكيد وهذا تركيب نادر، و «الواو» في «وهو» للحال. وانظر البيت في المغني (ص ١٨٣)، والعيني (٤/ ٤٠٦)، والحماسة (٤/ ٢٢٧). (٣) الطرماح بن حكيم: شاعر إسلامي فحل، ولد ونشأ في الشام، وكان هجّاء معاصرا للكميت صديقا له لا يكادان يفترقان. انظر ترجمته في الشعر والشعراء (ص ٥٨٩ - ٥٩٤).