أن جماعة من النحاة منهم ابن طاهر، وابن خروف، والأستاذ أبو علي في أحد قوليه - ذهبوا (١) إلى أن «على» لا تكون حرفا، وزعموا أن ذلك مذهب سيبويه؛ لقوله في باب عدة ما يكون عليه الكلم: وهو اسم ولا يكون إلا ظرفا (٢)، قالوا:
واستدل المخالف لهؤلاء بأن «على» إذا حذفت في ضرورة الشعر نصب ما بعدها على أنه مفعول به. نحو قول الشاعر:
٢٣٩٠ - تحنّ فتبدي ما بها من صبابة ... وأخفي الّذي لولا الأسى لقضاني (٣)
٢٣٩٢ - ما شقّ جيب ولا ناحتك نائحة ... ولا بكتك جياد غير أسلاب (٥)
أي: ولا ناحت عليك. وقد أجاز أبو الحسن (٦) ذلك في الكلام وجعل منه قوله تعالى: لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (٧) أي: على صراطك، واستدل أيضا لذلك بحذفها مع الضمير في الصلة نحو: ركبت على الفرس الذي ركبت، قال الشاعر:
٢٣٩٣ - فأصبح من أسماء قيس كقابض ... على الماء لا يدري بما هو قابض (٨)
أي: عليه، ولو كانت اسما لم يجز ذلك، لو قلت: قعدت وراء الذي قعدت، تريد وراءه؛ لم يجز.
(١) راجع الارتشاف (٢/ ٤٥٤) وتنقيح الألباب (ص ١١). (٢) الكتاب (٤/ ٢٣١). (٣) من الطويل لعروة بن حزام وليس في ديوانه وراجع: الدرر (٢/ ٢٢)، (١٠٦)، المغني (ص ١٤٢، ٥٧٦، ٥٧٧)، والهمع (٢/ ٢٩، ٨١). (٤) البيت من بحر الكامل وهو في التذييل (٤/ ١٠). (٥) من البسيط وهو في التذييل (٤/ ١٠). (٦) الأخفش في المعاني (١/ ١٩٧). (٧) سورة الأعراف: ١٦. (٨) من الطويل وهو من شواهد أبي حيان في الارتشاف (١/ ٥٣٦)، (٣/ ٣١٠) والتذييل (٤/ ١٠).