الشرط الذي فيه معنى النهي كقوله تعالى: وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ (١)، وأراد بالنّفي المؤوّل الاستفهام الذي فيه معنى النّفي، كقوله تعالى: فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ (٢).
قال المصنف (٣): ومنه - أي من النفي المؤوّل زيد غير آكل إلا الخبر، وقوله تعالى: وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ (٤)؛ لأن يَأْبَى بمعنى لا يريد، ومنه - أيضا - قوله تعالى: وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ (٥)؛ لأنّ المراد بالكبير هنا الصعوبة، فكأنه قيل: لا يسهل إلّا على الخاشعين.
والحاصل: أنّ المستثنى منه لا يحذف مع إيجاب محضن؛ لأنّه يلزم منه الكذب، ألا ترى أنّ حقيقة قولك: نظرت إلا عمرا: عم نظري الناس إلا عمرا، وذلك غير جائز، بخلاف: لم أر إلّا زيدا، فلو كان في الإيجاب معنى النّفي عومل معاملته، نحو: عدمت إلا زيدا، وصمت إلا يوم الجمعة، فإنّ المعنى لم أجد، ولم أفطر.
ويتعلق بما تقدم أبحاث:
الأول:
يرجح الشيخ (٦) قول المصنف - في الألفية -:
وإن يفرّغ سابق إلا لما ... ... بعد ...
على قوله - هنا -: وفرّغ العامل له. قال: لأنّ المفرغ قد يكون غير عامل، نحو: -
(١) سورة الأنفال: ١٦. والمعنى: لا يول أحد دبره، إلا متحرفا للقتال، فهذا شرط مقصود به النهي. ينظر: شرح الكافية (١/ ٢٤٦)، والمساعد لابن عقيل (١/ ٥٥٤). (٢) سورة الأحقاف: ٣٥. ما بعد (إلا) وهو (القوم) رفع على أنه نائب فاعل (يهلك) والتقدير: لا يهلك أحد إلا القوم الفاسقون. ينظر: شرح التصريح (١/ ٣٤٨)، والمساعد (١/ ٥٥٤). (٣) شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ٢٧٠). (٤) سورة التوبة: ٣٢، ينظر: شرح التصريح (١/ ٣٤٨)، والمعنى: لا يريد الله إلا إتمام نوره. (٥) سورة البقرة: ٤٥. فالمعنى: أنها لا تخف ولا تسهل إلا على الخاشعين، ينظر: شرح الكافية (١/ ٢٤٦). (٦) ينظر: التذييل والتكميل (٣/ ٥٠٩، ٥١٠)، والمرادي (٢/ ١٠٦)، وشرح الأشموني (١/ ١٥٠)، وشرح التصريح (١/ ٣٤٨).