للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القرطبي: "وممن ينسب إليه هذا القول - وهو إباحة وطء المرأة في دبرها - سعيد ابن المسيب ونافع وابن عمر ومحمد بن كعب القرظي وعبد الملك بن الماجشون. وهذا القول في العتبية. وحكى ذلك عن مالك في كتاب له أسماه كتاب السر، وحذاق أصحاب مالك ومشايخهم ينكرون ذلك الكتاب، ومالك أجل من أن يكون له كتاب السر ووقع هذا القول في العتبية، وذكر ابن العربي أن ابن شعبان أسند هذا القول إلى زمرة كبيرة من الصحابة والتابعين وإلى مالك من رواية كثيرة من كتاب جماع النسوان وأحكام القرآن هذا لفظه قال: وحكى الكيا الهراسي الطبري عن محمد بن كعب القرظي أنه استدل على جواز ذلك بقوله: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ* وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} الشعراء: [١٦٥، ١٦٦] " (١).

قال ابن كثير معلقا على كلام القرطبي: " يعني مثله من المباح ثم رده بأن المراد بذلك من خلق الله لهم من فروج النساء لا أدبارهن قلت: وهذا هو الصواب وما قاله القرظي إن كان صحيحًا إليه فخطأ. وقد صنف الناس في هذه المسألة مصنفات منهم أبو العباس القرطبي وسمى كتابه إطهار إدبار من أجاز الوطء في الأدبار" (٢).

٤ - وقال آخرون: معنى ذلك: ائتوا حرثكم كيف شئتم - إن شئتم فاعزلوا، وإن شئتم فلا تعزلوا.

قاله سعيد بن المسيب وابن عباس (٣).

٥ - وقال آخرون: معنى: " أنى شئتم "، من حيث شئتم، وأي وجه أحببتم.

ومن قال إن (أَنَّى) بمعنى: (حيث) أو (أين) فالمعنى عنده: من حيث شئتم على تقدير من قبل الظرف، ولا يصح أن يكون المعنى في أي مكان شئتم لعدم جواز إتيان المرأة في الدبر على الصحيح.

روي عن ابن عباس: أنه كان يكره أن تُؤتى المرأة في دبرها، ويقول: إنما الحرث من القُبُل الذي يكون منه النسل والحيض وينهى عن إتيان المرأة في دُبُرها ويقول: إنما نزلت هذه الآية: " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم "، يقول: من أيّ وجه شئتم" (٤).

عن عكرمة: " فأتوا حرثكم أنى شئتم قال: ظهرها لبطنها غير مُعاجَزة - يعني الدبر" (٥).

كذا قاله الربيع ومجاهد وعطاء (٦).

وروي عن حفصة ابنة عبد الرحمن بن أبي بكر، عن أم سلمة قالت: قدِم المهاجرون فتزوجوا في الأنصار، وكانوا يُجَبُّون، وكانت الأنصار لا تفعل ذلك، فقالت امرأة لزوجها: حتى آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأسأله عن ذلك! فأتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم فاستحيت أن تسأله، فسألتُ أنا، فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ عليها: " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم "، " صمامًا واحدًا، صمامًا واحدًا " (٧).


(١) تفسير القرطبي: ٣/ ٩٣ - ٩٤.
(٢) تفسير ابن كثير: ١/ ٥٨٩.
(٣) انظر: تفسير الطبري: ٤/ ٤٠٨.
(٤) تفسير الطبري: ٤/ ٤٠١. عن سهل بن موسى الرازي قال، حدثنا ابن أبي فديك، عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشهل، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس.
(٥) تفسير الطبري: ٤/ ٤٠١. عن ابن حميد قال حدثنا ابن واضح قال، حدثنا العتكي، عن عكرمة.
(٦) تفسير الطبري: ٤/ ٤٠١ - ٤٠٢.
(٧) تفسير الطبري: ٤/ ٤١١. عن أبي كريب قال، حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن عبد الله بن عثمان، عن ابن سابط، عن حفصة.
عبد الله بن عثمان بن خثيم القاري المكي: تابعي، ثقة حجة، كما قال ابن معين. و " خثيم ": بضم الخاء المعجمة وفتح الثاء المثلثة، مصغرًا. ووقع في المطبوعة، هنا، وفي: ٤٣٤٤ " جشم "، وهو تصحيف. عبد الرحمن بن سابط: تابعي معروف، مضت ترجمته: ٥٩٩. حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق: تابعية ثقة.
والحديث رواه أحمد في المسند ٦: ٣٠٥ (حلبي)، عن عفان، عن وهيب، عن عبد الله بن عثمان ابن خثيم، بهذا الإسناد، نحوه، مطولا. ونقله ابن كثير ١: ٥١٥ عن رواية المسند. وواقع في مطبوعته تحريف وتصحيف.
ورواه البيهقي ٧: ١٩٥، بنحوه مختصرًا، من طريق سفيان، ومن طريق روح بن القاسم - كلاهما عن عبد الله بن عثمان بن خثيم.
وذكره السيوطي ١: ٢٦٢، مطولا. وزاد نسبته لابن أبي شيبة، والدارمي، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم.
الصمام ما أدخل في فم القارورة تسد به. فسمى الفرج به، لأنه موضع صمام، على التشبيه وحذف المضاف. ومعناه: في مسلك واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>