فقال ابن عمر: أفْ! أفْ! يفعل ذلك مؤمن! - أو قال: مسلم! - فقال مالك: أشهد على ربيعة لأخبرني عن أبي الحباب، عن ابن عمر، مثل ما قال نافع" (١).
وأخرج الطبري سنده عن "موسى بن أيوب الغافقي قال: قلت لأبي ماجد الزيادي: إنّ نافعًا يحدث عن ابن عمر في دُبر المرأة. فقال: كذب نافع! صحبت ابن عمر ونافعٌ مملوكٌ، فسمعته يقول: ما نظرت إلى فرج امرأتي منذ كذا وكذا (٢).
وعن قتادة قال: سئل أبو الدرداء عن إتيان النساء في أدبارهن، فقال: هل يفعل ذلك إلا كافر! قال روح: فشهدت ابن أبي مليكة يُسأل عن ذلك فقال: قد أردته من جارية لي البارحةَ فاعتاص عليّ، فاستعنت بدهن أو بشحم. قال: فقلت له، سبحان الله! ! أخبرنا قتادة أنّ أبا الدرداء قال: هل يفعل ذلك إلا كافر! فقال: لعنك الله ولعن قتادة! فقلت: لا أحدث عنك شيئًا أبدًا! ثم ندمت بعد ذلك" (٣).
قال ابن كثير: "وقد روى الحاكم، والدارقطني، والخطيب البغدادي، عن الإمام مالك من طرق ما يقتضي إباحة ذلك. ولكن في الأسانيد ضعف شديد، وقد استقصاها شيخنا الحافظ أبو عبد الله الذهبي في جزء جمعه في ذلك، فالله أعلم" (٤).
وقال الطحاوي: "حكى لنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنه سمع الشافعي يقول: ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحليله ولا تحريمه شيء. والقياس أنه حلال. وقد روى ذلك أبو بكر الخطيب، عن أبي سعيد الصيرفي، عن أبي العباس الأصم، سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، سمعت الشافعي يقول ... فذكر. قال أبو نصر الصباغ: كان الربيع يحلف بالله الذي لا إله إلا هو: لقد كذب - يعني ابن عبد الحكم - على الشافعي في ذلك فإن الشافعي نص على تحريمه في ستة كتب من كتبه، والله أعلم" (٥).
(١) تفسير الطبري: ٤/ ٤٠٥. عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا أبو زيد عبد الرحمن بن أحمد بن أبي الغمر قال: حدثني عبد الرحمن بن القاسم، عن مالك بن أنس. وهذا الخبر نقله ابن كثير ١: ٥٢١ - ٥٢٢، عن هذا الموضع، ونقله الحافظ في الفتح ٨: ١٤٢، والتلخيص، ص: ٣٠٨، مختصرًا، ونسبه أيضًا للنسائي والطحاوي، وقال في الفتح: " وأخرجه الدارقطني، من طريق عبد الرحمن بن القاسم، عن مالك. وقال: هذا محفوظ عن مالك صحيح ". ونقله السيوطي ١: ٢٦٦، مطولا، ونقل كلام الدارقطني. (٢) تفسير الطبري: ٤/ ٤٠٦. عن محمد بن إسحاق قال، أخبرنا عمرو بن طارق قال، أخبرنا يحيى بن أيوب، عن موسى بن أيوب الغافقي. وأبو ماجد الزيادي: تابعي، ترجمه البخاري في الكنى، رقم: ٦٨٨، وابن أبي حاتم ٤/ ٢/٤٥٥ ورويا عنه هذا الخبر، بلفظين مختلفين، مخالفين لما هنا. فقال البخاري: " أبو ماجد الزيادي، سمع ابن عمر، قال: ما نظرت إلى فرج امرأة منذ أسلمت. قاله يحيى بن سليمان، عن ابن وهب، سمع موسى بن أيوب، عن أبي ماجد ". وقال ابن أبي حاتم: " أبو ماجد الزيادي، سمع عبد الله بن عمرو، قال: ما نظرت إلى فرجي منذ أسلمت. روى عنه موسى بن أيوب الغافقي. سمعت أبي يقول ذلك ". والظاهر أن " عبد الله بن عمرو "، عند ابن أبي حاتم - تحريف ناسخ أو طابع. ولكن لا يزال الاختلاف قائمًا في المعنى بين هاتين الروايتين، وبينهما وبين رواية الطبري هذه. ولم أجد ما يرجح إحداها على غيرها. (٣) تفسير الطبري: ٤/ ٤٠٧. عن أبي مسلم قال، حدثنا أبو عمر الضرير قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا روح بن القاسم، عن قتادة. وهذا الخبر هو في الحقيقة خبران، أولهما عن أبي الدرداء، وثانيهما أثر عن ابن أبي مليكة لا يصلح للاستدلال. فكلامنا عن خبر أبي الدرداء. وقد رواه الطبري هنا بإسناده إلى قتادة، " قال: سئل أبو الدرداء. . . "، وهو منقطع. فقد رواه أحمد في المسند: ٦٩٦٨ م بإسناده إلى قتادة، قال: " وحدثني عقبة بن وساج، عن أبي الدرداء، قال: وهل يفعل ذلك إلا كافر "؟ ! . وكذلك رواه البيهقي في السنن الكبرى ٧: ١٩٩. وقد خرجناه في شرح المسند. (٤) تفسير ابن كثير: ١/ ٥٩٨ - ٥٩٩. (٥) تفسير ابن كثير: ١/ ٥٨٩.