للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتج هؤلاء بقول ابن عمر " أن رجلا أتى امرأته في دبرها فوجد في نفسه من ذلك، فأنزل الله: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} " (١).

وما روي عن عطاء بن يسار: "أن رجلا أصاب امرأته في دبرها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنكر الناس ذلك وقالوا: أثْفَرها! فأنزل الله تعالى ذكره: " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " الآية" (٢).

عن نافع، قال: قرأتُ ذاتَ يوم: " نساؤكم حرْثٌ لكم فائتوا حرثكم أنى شئتم "، فقال ابن عمر: أتدري فيمَ نزلتْ؟ قلتُ: لا! قال: نزلتْ في إتيان النساء في أدْبارهنّ" (٣).

وقيل لزيد بن أسلم: "إن محمد بن المنكدر ينهى عن إتيان النساء في أدبارهن. فقال زيد: أشهد على محمد لأخبرني أنه يفعله" (٤).

وري عن مالك بن أنس أنه قيل له: يا أبا عبد الله، إن الناس يروون عن سالم: " كذب العبد، أو: العلجُ، على أبي "! فقال مالك: أشهد على يزيد بن رومان أنه أخبرني، عن سالم بن عبد الله، عن ابن عمر مثل ما قال نافع. فقيل له: فإنَّ الحارث بن يعقوب يروي عن أبي الحباب سعيد بن يسار: أنه سأل ابن عمر فقال له: يا أبا عبد الرحمن، إنا نشتري الجواري فنُحمِّض لهن؟ فقال: وما التحميض؟ قال: الدُّبُر.


(١) تفسير الطبري: ٤/ ٤٠٧. عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال، أخبرنا أبو بكر بن أبي أويس الأعشى، عن سليمان بن بلال، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر.
أبو بكر بن أبي أويس: هو عبد الحميد بن عبد الله بن عبد الله بن أويس المدني الأعشى، وهو ثقة.
سليمان بن بلال أبو أيوب المدني: ثقة معروف، أخرج له الأئمة الستة.
وهذا الحديث نقله ابن كثير ١: ٥١٧، من رواية النسائي، عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، كمثل رواية الطبري وإسناده سواء. ونقله الحافظ في التلخيص: ٣٠٧ - ٣٠٨، والسيوطي ١: ٢٦٥ - ٢٦٦، ونسباه للنسائي والطبري فقط.
(٢) تفسير الطبري: ٤/ ٤٠٨. عن يونس قال، أخبرني ابن نافع، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار.
وهذا حديث مرسل، لأن عطاء بن يسار تابعي. وقوله " أثفرها ": من " الثفر "، بفتح الثاء المثلثة والفاء، وهو ما يوضع للدابة تحت ذنبها يشد به السرج. شبه ذلك الفعل بوضع الثفر على دبر الدابة.
(٣) تفسير الطبري: ٤/ ٤٠٤. عن يعقوب، حدثنا ابن علية، حدثنا ابن عون، عن نافع.
وفي رواية أخرى: حدثني إبراهيم بن عبد الله بن مسلم أبو مسلم قال، حدثنا أبو عمر الضرير قال، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم صاحب الكرابيس، عن ابن عون، عن نافع قال: كنت أمسك على ابن عُمر المصحف، إذ تلا هذه الآية: " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم "، فقال: أن يأتيها في دبرها". (تفسير الطبري: ٤/ ٤٠٤).
وكذا الرواية الثالثة التي ذكرناها في أسباب النزول.
وهذه الأحاديث الثلاثة صحيحة ثابتة عن ابن عمر. وهي حديث واحد بأسانيد ثلاثة. وقد روى البخاري ٨: ١٤٠ - ١٤١ معناه عن نافع، عن ابن عمر، بثلاثة أسانيد. ولكنه كنى عن ذلك الفعل ولم يصرح بلفظه. وأطال الحافظ في الإشارة إلى كثير من أسانيده. وذكره السيوطي ١: ٢٦٥، ونسبه لمن ذكرنا.
ونقل الحافظ في الفتح ٨: ١٤١، عن ابن عبد البر، قال: " ورواية ابن عمر لهذا المعنى صحيحة مشهورة من رواية نافع عنه ". ونحو هذا نقل السيوطي ١: ٢٦٦ عن ابن عبد البر.
وفي رواية أخرى قال الطبري: " حدثني أبو قلابة قال، حدثنا عبد الصمد قال، حدثني أبي، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر: " فأتوا حرثكم أنى شئتم "، قال: في الدبر". (٤/ ٤٠٦).
وأبو قلابة، شيخ الطبري: هو الرقاشي الضرير الحافظ، واسمه: عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن محمد، وهو ثقة، روى عنه الأئمة، منهم ابن خزيمة، وابن جرير، وأبو العباس الأصم. وقال أبو داود سليمان بن الأشعث: " رجل صدوق، أمين مأمون، كتبت عنه بالبصرة ". وقال الطبري: " ما رأيت أحفظ منه ". مترجم في التهذيب. ابن أبي حاتم ٢/ ٢/٣٦٩ - ٣٧٠، وتاريخ بغداد ١٠: ٤٢٥ - ٤٢٧، وتذكرة الحفاظ ٢: ١٤٣ - ١٤٤. عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث.
وهذا الخبر رواه البخاري ٨: ١٤٠ - ١٤١، عن إسحاق، هو ابن راهويه، عن عبد الصمد. ولكنه حذف المكان بعد حرف " في "، فلم يذكر لفظه. وذكر الحفاظ في الفتح أنه صريح في رواية الطبري هذه.
ونقله ابن كثير ١: ٥١٧، عن الطبري بإسناده. ونقله السيوطي ١: ٢٦٥، ونسبه للبخاري وابن جرير.
(٤) تفسير الطبري: ٤/ ٤٠٥. عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا عبد الملك بن مسلمة قال، حدثنا الدراوردي قال، قيل لزيد بن أسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>