(وَإِلَّا) -هي "إن" الشرطيّة أُدغِمت في "لا" النافية: أي فإن لم تجد أحدًا ممن يلزم قوله أدخل هذا الشرط كما أدخلته أنت (فَهَلُمَّ) -بفتح الهاء، وضمّ اللام، وتشديد الميم-: أي أحضر. قال الفيّوميّ رحمه اللهُ تعالى:"هَلُمّ" كلمة بمعنى الدعاء إلى الشيء، كما يقال: تَعَالَ. قال الخليل: أصله: "لُمَّ" من الضمّ والجمع، ومنه "لَمَّ اللهُ شَعَثَه"، وكأن المنادي أراد لُمَّ نفسك إلينا. و"ها" للتنبيه، وحُذِفت الألف تخفيفًا؛ لكثرة الاستعمال، وجُعلا اسمًا واحدًا. وقيل: أصلها هَلْ أُمَّ: أي قُصِد، فنُقِلت حركة الهمزة إلى اللام، وسَقَطت، ثم جُعلا كلمة واحدة للدعاء. وأهلُ الحجاز يُناودون بها بلفظ واحد للمذكّر، والمؤنّث، والمفرد، والجمع، وعليه قوله تعالى:{وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} الآية [الأحزاب: ١٨]. وفي لغة نجد تَلْحقُها الضمائر، وتُطابِقُ، فيُقال: هَلُمّي، وهَلُمّا، وهَلُمُّوا، وهَلْمُمْنَ؛ لأنهم يجعلونها فعلًا، فيُلحِقونها الضمائر، كما يُلحقونها قُمْ، وقوما، وقُمُوا، وقُمن. وقال أبو زيد: استعمالها بلفظ واحد للجمع من لغة عُقَيل، وعليه قيسٌ بعدُ، وإلحاق الضمائر من لغة بني تميم، وعليه أكثر العرب، وتُستعمل لازمة، نحو:{هَلُمَّ إِلَيْنَا}: أي أقبل، ومتعدّية، نحو:{هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ}[الأنعام: ١٥٠]: أي أحضروهم. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه:"هلم" في قول المصنف هنا من المتعدّي، ولذا نصب قوله:(دَلِيلًا) فعيلٌ بمعنى فاعل، وهو المرشد والكاشف للشيء، وتقدّم البحث فيه مستوفىً عند قول المصنّف:"والدليل على أن الذي قلنا من هذا هو اللازم الخ"(عَلَى مَا زَعَمْتَ) أي قلته، وقد تقدّم أن أكثر استعمال زعم فيما كان باطلًا، أو فيه ارتياب، بل قال بعضهم: هو كناية عن الكذب، قال الخطّابيّ: ولهذا يقال: "زعم مطيّة الكذب"، وقد تقدّم تمام البحث فيها عند قول المصنّف:"فإن ذلك زعمت مما يَشغلك الخ"(فَإِنِ ادَّعَى) أي المخترع المذكور (قَوْلَ أَحَدٍ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ بِمَا زَعَمَ) متعلّق بقوله (مِنْ إِدْخَالِ الشَّرِيطَةِ) بيان لما زعم. و"الشريطة" -بفتح الشين المعجمة، وكسر الراء-: بمعنى الشرط، جمعها شَرَائط (فِي تَثْبِيتِ الْخَبَرِ) أي تصحيحه، يقال: ثَبَت الأمر يثبت ثبوتًا: إذا صحّ، وثبت الشيء: إذا دام، واستقرّ، فهو ثابتٌ، ويتعدّى بالهمزة، والتضعيف، فيقال: أثبتُّهُ، وثَبَّتُّهُ. أفاده في "المصباح"(٣)(طُولِبَ بِهِ) أي بإثبات ما ادّعاه من قول أحد من السلف في ذلك (وَلَنْ يَجِدَ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ إِلَى إِيجَادِهِ