اليوم؟ فقال: طعامًا عن أن يكرّر المسؤول مع قوله: طعامًا أكلت؛ لما قد ظهر لديه من الدلالة على أن ذلك معناه بتقدم مسألة السائل إياه عما أكل، فمعقولٌ إذًا قول القائل إذا قال:"بسم الله الرحمن الرحيم"، ثم افتتح تاليًا سورةً أن إتباعه "بسم الله الرحمن الرحيم" تلاوة السورة يُنبىء عن معنى قوله: "بسم الله الرحمن الرحيم"، ومفهوم به أنه مريد أقرأ "بسم الله الرحمن الرحيم". وكذلك قوله:"بسم الله" عند نهوضه للقيام، أو عند قعوده، وسائر أفعاله يُنبىء عن معنى مراده بقوله:"بسم الله"، وأنه أراد بقيله:"بسم الله" أقوم بسم الله، وأقعد بسم الله، وكذلك سائر الأفعال انتهى المقصود من كلام ابن جرير (١). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
[المسألة الخامسة: في الكلام على كتابة "بسم الله"]
ذكر العلّامة أبو عبد الله القرطبيّ رحمه اللهُ تعالى أن "بسم الله" تكتب بغير ألف؛ استغناءً عنها بباء الإلصاق في اللفظ والخطّ؛ لكثرة الاستعمال، بخلاف قوله:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}[العلق: ١] فإنها لم تُحذَف لقلّة الاستعمال.
واختلفوا في حذفها مع "الرحمن"، و"القاهر"، فقال الكسائيّ، وسعيدٌ الأخفش: تحذف الألف. وقال يحيى بن وَثَّاب: لا تُحذف، إلا مع "بسم الله" فقط؛ لأن الاستعمال إنما يكثر فيه انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
المسألة السادسة: في الكلام على حركة باء الجرّ:
اختلف في تخصيص باء الجرّ بالكسر على ثلاثة أقوال:
الأول: ليناسب لفظها عملها.
الثاني: لما كانت الباء لا تدخل إلا على الأسماء خصّت بالخفض الذي لا يكون إلا في الأسماء.
الثالث: ليفرّق بينها وبين ما قد يكون من الحروف اسمًا، نحو الكاف في قول امرىء القيس [من الطويل]: