"الثقات"، وقال: كان من الْمُتْقِنين. وقال في "التقريب": ثقة، من كبار السابعة.
أخرج له البخاريّ في "الأدب المفرد"، والمصنّف، وأبو داود، والنسائيّ، وله في هذا الكتاب حديثان، هذا، وحديث رقم ١٥٤٩: "من نِيحَ عليه فإنه يُعَذَّب ... " الحديث. والباقون تقدّموا في السند الماضي.
وقوله: "بمثله" يعني أن رواية محمد بن قيس مثل رواية سعيد بن عُبيد الطائيّ التي تقدّمت قبله.
وقوله: "ولم يذكر الخ" الضمير الفاعل يعود على محمد بن بن قيس، يعني أنه لم يذكر في روايته قوله: "إن كذبًا عليّ ليس ككذب على أحد"، بل اقتصر على قوله: "من كذب عليّ متعمّدًا، فليتبوّأ مقعده من النار" .. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(مسائل): تشتدّ الحاجة إلى معرفتها، ولا سيّما لمن يعتني بـ "صحيح مسلم":
[(المسألة الأولى): في الفرق بين قول المحدث: "مثله"، وقوله: "نحوه"]
قال الحافظ، أبو عبد الله الحاكم رحمهُ اللهُ تعالى: إن مما يلزم الحديثيّ من الضبط والإتقان أن يفرّق بين "مثله"، و "نحوه"، فلا يحلّ أن يقول: "مثله" إلا إذا علم أنهما اتّفقا في اللفظ، ويحلّ أن يقول: "نحوه" إذا كان بمعناه. ذكره في "التدريب" (١)، وإلى هذا أشار الحافظ السيوطيّ رحمهُ اللهُ تعالى في "ألفيّة الحديث" بقوله:
الْحَاكِمُ اخْصُصْ "نَحْوَه" بِالْمَعْنَى ... ومِثْلَهُ بِاللَّفْظِ فَرْقٌ سُنَّا (٢)
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثانية): في بيان حكم ما إذا أورد الشيخ الحديث بإسنادين، فأكثر، وكان المتن مع السند الأول، وأحال ما بعده عليه، وقال: "مثله"، أو "نحوه"، كما فعل المصنّف رحمهُ اللهُ تعالى هنا:
(اعلم): أنه إذا رَوَى الشيخ الحديث بإسناد، ثم أتبعه إسنادا آخر، وقال عند انتهاء الإسناد: "مثله"، أو "نحوه"، فأراد السامع أن يروي المتن بالإسناد الثاني، مقتصرا عليه، فالأظهر منعه، وهو قول شعبة، وقال سفيان الثوريّ: يجوز بشرط أن يكون الشيخ المحدث ضابطا متحفظا، مميزا بين الألفاظ، وقال يحيى بن معين: يجوز ذلك في قوله: "مثله"، ولا يجوز في "نحوه"، قال الخطيب البغداديّ: الذي قاله ابن
(١) "تدريب الراوي" ٢/ ١٢٠.
(٢) أي فرقٌ سنّه العلماء، وفي نسخة: "فَرْقٌ يُعْنَى" أي يُقصَد.