وقال مجاهدٌ: هم قومٌ خرجوا إلى المدينةِ، وأسلموا ثم ارتدوا (١)، فاستأذنوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في الرجوعِ إلى مكةَ ليأتوا ببضائِعَ لهم يَتَّجِرون فيها، فخرجوا، وأقاموا بمكة (٢)، فاختلف المسلمونَ فيهم، فقائل يقولُ: هم منافقون، وقائلٌ يقول: هم مؤمنون (٣).
وقال بعضهم: هم قومٌ أسلموا بمكة، ثم لم يُهاجروا، وكانوا يُظاهرون المشركين (٤).
وقال بعضُهم: نزلتْ في قومٍ من قريشٍ، قَدِموا المدينةَ وأسلموا، ثم نَدِموا على ذلك، فخرجوا كهيئة المُتَنَزِّهين حتى إذا تباعدَوا من المدينة، كتبوا إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: إنَّا على الذي فارقناك عليهِ من الإيمان، ولكنّا اجْتَوَيْنا (٥) المدينةَ، واشتقنا إلى أرْضِنا، ثم إنهم خرجوا في تجارةٍ لهم نحوَ الشامِ، فبلغَ ذلكَ المسلمين، فقال بعضهم: نخرجُ إليهم (٦) لنقتلَهُم ونأخذَ ما مَعَهُم؛ لأنهم رغَبِوا عن ديننا، وقالت طائفةٌ: كيف تقتلونَ قوماً على دينِكم لم يَذَروا ديارَهُمْ؟! وكانَ هذا بعَيْنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو ساكتٌ لا يَنْهى واحداً من الفريقين، فنزلتْ هذه الآيةُ (٧).
(١) "ثم ارتدوا" ليس في "أ". (٢) "بمكة" ليس في "أ". (٣) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٥/ ١٩٣)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٣/ ١٠٢٤). (٤) وهذا قول ابن عباس، انظر: "تفسير الطبري" (٥/ ١٩٣)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ١٠٢٣). (٥) اجتوينا: اجتويتَ البلدَ: إذا كرهتَ المقام فيه، وإن كنت في نعمة. "اللسان" (٤/ ١٥٨). (٦) "إليهم" ليس في "ب". (٧) انظر: "تفسير الثعلبي" (٣/ ٣٥٥)، و"معالم التنزيل" للبغوي (١/ ٤٥٩).