الأول: عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها -: «أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَصُمِ الْعَشْرَ»(١).
والآخر: عَنْ هُنَيْدَةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ امْرَأَتِهِ، عَنْ بَعْضِ، أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، أَوَّلَ اثْنَيْنِ مِنَ الشَّهْرِ وَالْخَمِيسَ»(٢)، وعلى افتراض صحته كيف الجمع بينهما.
١ - إثبات الصوم أولى من نفيه، لأن المثبت مقدم على النافي (٣).
٢ - لم ترى النبي - صلى الله عليه وسلم - صامهم أمامها كما جاء في رواية أخرى (٤).
٣ - قال النووي - رحمه الله -: فقال العلماء هو متأول على أنها لم تره ولا يلزم منه تركه في نفس الأمر لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يكون عندها في يوم من تسعة أيام، والباقي عند باقي أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أو لعله - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم بعضه في بعض الأوقات وكله في بعضها ويتركه في بعضها لعارض سفر، أو مرض، أو غيرهما، وبهذا يجمع بين الأحاديث (٥).
(١) صحيح مسلم (١٠ - ١١٧٦). (٢) مضطرب سنداً ومتناً، أخرجه أبو داود (٢٤٣٧)، وأحمد (٢٢٣٣٤)، وغيرهما. وقد ضعفه الزيلعي في "نصب الراية" (٣/ ١٥٧) وغيره من أهل العلم. وإن كان بعض أهل العلم ضعّف الحديث فلا يمنع من الصيام لأنه من العمل الصالح الذي حث النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه (٣) قال البيهقي: بعد ما ذكر حديث حفصة - رضي الله عنها - " وهذا الحديث أولى مع ما سبق ذكره من الحديث الذي روي عن عائشة أنها قالت: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما في العشر قط» لأن هذا مثبت فهو أولى من النافي "فضائل الأوقات للبيهقي" (ص ٣٤٨). (٤) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ» صحيح مسلم (٩ - ١١٧٦). (٥) المجموع للنووي (٦/ ٤١٤).