ومَثَّل في الكتاب لذلك بقوله تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}، ثم إنه تعالى قال:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ}(٢)، وهذا مختص بالمطلقة بالطلاق الرجعي دون البائن. فيقول الأولون: إن ذلك لا يقتضي أن المراد من المطلقات الرجعيات (٣). وتقول الحنفية: يقتضيه.
ومثال الاستثناء: قوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ}(٤) إلى قوله: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ}(٥)، فاستثناء العفو عنه (٦) لكناية راجعة إلى النساء، ومعلوم أن العفو لا يصح إلا من البالغات العاقلات دون الصبية والمجنونة، فهل يُوجب ذلك أن يُقال: إن المراد من النساء في أول الكلام البالغات العاقلات فقط (٧)؟
(١) انظر: المعتمد ١/ ٢٨٣، المحصول ١/ ق ٣/ ٢١٠، نهاية الوصول ٥/ ١٧٦٤، الوصول إلى الأصول ١/ ٢٧٧. وإليه صار ابن عبد الشكور. انظر: فواتح الرحموت ١/ ٣٥٦. (٢) سورة البقرة: الآية ٢٢٨. (٣) يعني: يقول الأولون القائلون بعدم التخصيص: إنَّ ذِكْر حكمِ المطلقة الرجعية: وهو أن بَعْلها أحقُّ بردها - لا يقتضي أن المطلَّقاتِ المذكوراتِ قبل ذلك المرادُ بهن الرجعيات، فَعَوْد الضمير في قوله: {وَبُعُولَتُهُنَّ} إلى العام في قوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ} - لا يقتضي التخصيص. (٤) سورة البقرة: الآية ٢٢٦. (٥) سورة البقرة: الآية ٢٢٧. (٦) أي: عن الجناح. (٧) انظر: نهاية الوصول ٥/ ١٧٦٤.