كتاب موسوعة محاسن الإسلام ورد شبهات اللئام

الوجه الرابع: بيان عداوة الشيطان للإنسان، وبيان عداوته في أمر الصلاة. - ثالثا: طبيعة الشيطان وخلقته وطعامه وشرابه - ج: 7 - ص: 183

وفي صفة خلقهم قال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} (الأعراف: ١٧٩)، فقد صرح الله عز وجل بأن للجن قلوبًا وأعينًا وآذانًا، وكذلك لهم صوت لقوله تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} (الإسراء: ٦٤) (١).

أما عن طعامهم وشرابهم:

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ مَعَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إِدَاوَةً لِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَتْبَعُهُ بِهَا فَقَالَ: "مَنْ هَذَا"، فَقَالَ: أَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: "ابْغِنِي أَحْجَارًا أَسْتَنْفِضْ بِهَا، وَلا تَأْتِنِي بِعَظْمٍ وَلا بِرَوْثَةٍ"، فَأَتيْتُهُ بِأَحْجَارٍ أَحْمِلُهَا في طَرَفِ ثَوْبِي حَتَّى وَضَعْتُ إِلَى جَنْبِهِ ثُمَّ انْصَرَفْتُ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مَشَيْتُ، فَقُلْتُ: مَا بَالُ الْعَظْمِ وَالرَّوْثَةِ، قَالَ: "هُمَا مِنْ طَعَامِ الجِنِّ، وَإِنَّهُ أَتَانِي وَفْدُ جِنِّ نَصيبِينَ وَنِعْمَ الجنُّ، فَسَألُونِى الزَّادَ، فَدَعَوْتُ الله لَهُمْ أَنْ لَا يَمُرُّوا بِعَظْمٍ وَلَا بِرَوْثَةٍ إِلاَّ وَجَدُوا عَلَيْهَا طَعَامًا" (٢).

وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "أَتَانِى دَاعِي الجنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ"، قَالَ: فَانْطَلَقَ بِنَا، فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ، وَسَأَلُوهُ الزَّادَ، فَقَالَ: "لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ الله عَلَيْهِ يَقَعُ في أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لحْمًا وَكُلُّ بَعَرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ"، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "فَلَا تَسْتَنْجُوا بِهِما فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ" (٣).

وعن ابن عمر - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ، وَإِذَا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ" (٤).

قال النووي: وَفِيهِ: أَنَّهُ يَنْبَغِي اِجْتِنَاب الْأَفْعَال الَّتِي تُشْبِه أَفْعَال الشَّيَاطِين، وَأَنَّ

---

(١) راجع (سلسلة العقيدة في ضوء الكتاب والسنة)، (عالم الجن والشياطين) د/ عمر الأشقر.
(٢) البخاري (٣٨٦٠).
(٣) مسلم (٤٥٠).
(٤) مسلم (٢٠٢٠).