على الحظر أو على الإباحة غير موافق من قال [من المعتزلة](١) بالحظر أو الإباحة؛ لأن مدرك أهل السنة الدليل السمعي، ومدرك أهل الاعتزال الدليل العقلي، فلو لم ترد الأدلة المذكورة لأهل السنة قالوا (٢): لا علم لنا بتحريم، ولا تحليل، وأما أهل الاعتزال فإنهم يقولون: دليل العقل هو مدركنا فلا يضرنا عدم ورود الشرائع (٣).
قوله:(لنا قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (٤) نفى التعذيب قبل البعثة فينتفي ملزومه وهو الحكم).
ش: هذا دليل أهل السنة على إبطال (٥) الحسن والقبح العقليين، وهو الاستدلال بنفي اللزوم على نفي الملزوم (٦).
وتقرير هذا الدليل أن يقال: لو ثبت التكليف قبل بعثة الرسل لثبت لازمه وهو: التعذيب؛ لأن ثبوت الملزوم يقتضي ثبوِت اللازم، لكن التعذيب منتفٍ لقوله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}(٧)، فإذا انتفى اللازم الذي هو التعذيب انتفى الملزوم الذي هو: الحكم وهو: التكليف؛ لأن نفي اللازم يقتضي انتفاء الملزوم فيقتضي ذلك ألاَّ حكم قبل البعثة (٨).
(١) المثبت بين المعقوفتين من ط، ولم يرد في الأصل وز. (٢) في ط: "لقالوا". (٣) نقل المؤلف بالمعنى، انظر: شرح التنقيح للقرافي ص ٩٢. (٤) سورة الإسراء آية (١٥). (٥) وهو دليل على أنه لا تكليف قبل ورود الشرع. (٦) في ز: "اللازم". (٧) سورة الإسراء آية (١٥). (٨) في ط: "البعث".