قوله:"وعن الشعبي" أقول: هو عامر بن شراحيل الشعبي، تابعي جليل (١) القدر، فقيه كبير، قال: أدركت خمس مائة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أكثر. مات سنة أربع ومائة، وله اثنتان وثمانون سنة. إذا عرفت هذا فحديثه هذا [٢٥٢ ب] مرسل، ومعناه معنى حديث عائشة الذي قبله، إلا أنه عين هنا موضع التقبيل، وأنه بين عينيه، إلا أن لفظ ابن الأثير (٢): "قبل ما بين عينيه". واحتج الثوري (٣) بهذا الحديث على مالك بن أنس (٤) في جواز المعانقة، وذهب مالك إلى أنه مخصوص بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. وما ذهب إليه سفيان (٥) من حمل الحديث على عمومه أظهر. وأما المصافحة باليد؛ ففيها أحاديث، منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تمام تحيتكم المصافحه"(٦)، وقوله:"إن أهل اليمن قد سنوا لكم المصافحة"(٧)، وقد أطال في "فتح الباري"(٨) في جواز ذلك.
(١) قاله ابن الأثير في "تتمة جامع الأصول" (٢/ ٦٢٥ - ٦٢٦ - قسم التراجم). (٢) في "الجامع" (٥/ ٣٤ رقم ٣٠٢٨). (٣) انظر: "موسوعة سفيان الثوري" (ص ٢٦٠). (٤) "مدونة الفقه المالكي وأدلته" (٢/ ٣٤٧ - ٣٤٨). (٥) "مدونة الفقه المالكي وأدلته" (٢/ ٣٤٧ - ٣٤٨). (٦) أخرجه الترمذي في "السنن" رقم (٢٧٣١) عن أبي أمامة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم يده على جبهته - أو قال: على يده - فيسأله كيف هو، وتمام تحياتكم بينكم المصافحة". وهو حديث ضعيف، والله أعلم. (٧) أخرج أحمد (٣/ ٢٥١) عن أنس قال: إنه لما أقبل أهل اليمن؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد جاءكم أهل اليمن هم أرق منكم قلوباً" قال أنس: وهم أول من جاء بالمصافحة. بإسناد صحيح. (٨) (١١/ ٥٤ - ٥٥).