قال تعالى:{وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ} ٢ {أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ} ٣ {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً} ٤. وليس المراد من إحاطته بخلقه أنه كالفلك، وأن المخلوقات داخل ذاته المقدسة، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. وإنما المراد: إحاطة عظمة وسعة علم وقدرة، وأنها بالنسبة إلى عظمته كالخردلة٥، كما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال:(ما السموات السبع والأرضون السبع، وما فيهن وما بينهن في يد الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم) ٦.
ومن المعلوم - ولله المثل الأعلى - أن الواحد منا إذا كان عنده خ-ردلة، إن شاء قبضها وأحاطت قبضته بها، وإن شاء جعلها تحته، وهو في الحالين مباين لها، عال عليها فوقها من جميع الوجوه، فكيف بالعظيم الذي لا يحيط بعظمته وصف واصف ٧.
١ سورة البروج، الآية: ٢٠. ٣ سورة فصلت، الآية: ٥٤. ٤ سورة النساء، الآية: ١٢٦. ٥ الخردل: نبات عشبي، يخرج في الحقول وعلى حواشي الطرق، تستعمل بذوره في الطب، يُضرب به المثل في الصِّغر. انظر ترتيب القاموس (٢/٣٤) ، والمعجم الوسيط (١/٢٣٣) (خردل) . ٦ أخرجه الإمام الطبري في جامع البيان (٢١/٣٢٤) بنحوه، بإسناد حسن ظاهره الاتصال. ٧ شرح العقيدة الطحاوية، ص (٣٧٤) .