الهداية العامة١، وأعم منها الهداية المذكورة في قوله تعالى:{الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} ٢.
قوله تعالى:{عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} ٣ لو قيل: (يشرب منها) لم يدل على الري، فضمن يشرب معنى (يروى) ٤ فعُدي بالباء، فقيل:(يشرب بها) فأفاد ذلك أنه شرب يحصل معه الري. وباب تضمين الفعل معنى فعل آخر حتى يتعدى تعديته كثير، كما ضمّن قوله تعالى:{قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ} ٥ معنى (الضم) ٦ المع-دّى بإلى، فعدّي بها، وقوله تعالى:{وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا} ٧ معنى (خلصناه) ٨، وقوله: {وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ
١ لعله يريد أن يقول: إن هذه الهداية مثل الهداية التي في قوله تعالى: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} وبهذا نظَّرها السمعاني في تفسير القرآن (٦/١١٣) وفي الوسيط للواحدي (٤/٣٩٨، ٣٩٩) : بينا له سبيل الهدى {إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً} إما موحداً طائعاً لله، وإما مشركاً بالله في عمله، والمعنى: أنه بيّن له سبيل التوحيد بنصب الأدلة وبعث الرسل، شكر الإنسان فآمن، أو جحد فكفر. ٢ سورة طه، الآية: ٥٠. وتفسير المؤلف في شرح العقيدة الطحاوية، ص (٦٣٠) . ٣ سورة الدهر، الآية: ٦. ٤ انظر غرائب التفسير (٢/١٢٨٧) ، والبحر المحيط (٨/٣٨٧) ، والدر المصون (١٠/٦٠٠) ففيها ما قال المؤلف. وهو أحد الأوجه ورجحه شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (٢٠/٤٧٤) ، وابن القيم. انظر بدائع التفسير (٥/١٥٧) وقد استوفيت بحث هذه المسألة في (استدراكات الفقيه ابن جُزي على القاضي ابن عطية في تفسير القرآن الكريم) . ٥ سورة ص، الآية: ٢٤. ٦ انظر غرائب التفسير (٢/٩٩٧) ، والكشاف (٣/٣٧٠) ، والبحر (٧/٣٧٧) ، والدر المصون (٩/٣٧٠) ، ففيها ما ذكر المؤلف، وعبّر بعضهم بالإضافة بدل الضم، وهما بمعنى واحد. ٧ سورة الأنبياء، الآية: ٧٧. ٨ انظر النكت والعيون (٣/٤٥٦) ، فقد ذكر الماوردي هذا المعنى، وأشار أبو حيان في البحر (٦/٣٠٥) إلى أن (نصرناه) ضمن معنى (أخرجناه) ، وأشار السمين في الدر (٨/١٨٤) إلى أنه ضمن معنى (منعناه وعصمناه) .