قوله - عن القرآن -: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الاوَّلِينَ} ٢ أي: ذكره ووصفه والإخبار عنه٣، كما أن محمداً مكتوب عندهم٤. إذ القرآن أنزله الله على محمد، لم ينزله على غيره أصلاً؛ ولهذا قال (في الزبر) ، ولم يقل في الصحف، ولا في الرق؛ لأن الزَّبر جمع زبور، والزبر هو الكتابة والجمع٥، فقوله:{وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الاوَّلِينَ} أي: مزبور الأولين، ففي نفس اللفظ واشتقاقه ما يبيّن المعنى المراد، ويبيّن كمال بيان القرآن وخلوصه من اللبس، وهذا مثل قوله:{الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ} ٦، أي: ذكره٧، بخلاف قول-هـ. {فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} ٨ أو {فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} ٩ أو {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} ١٠؛ لأن العامل في الظرف إما أن
١ التنبيه على مشكلات الهداية، ص (٥٣، ٥٤) تحقيق أنور. وانظر ما قاله شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (٧/ ٢٩٠) في الفرق بين المعدّى بالباء والمعدّى باللام، ولا يبعد أن المؤلف اطلع عليه. ٢ سورة الشعراء، الآية: ١٩٦. ٣ نص البغوي وابن الجوزي أنه قول أكثر المفسرين. انظر معالم التنزيل (٣/٣٩٨) ، وزاد المسير (٦/١٤٤) . ٤ لعل المؤلف أراد أن يجمع بين القولين في مرجع الضمير ـ في (وإنه) ـ وهل هو لذكر القرآن كما عليه الأكثر، أو لذكر محمد صلى الله عليه وسلم؟. قال السمعاني في تفسير القرآن (٤/٦٦) : وقد قالوا إن كليهما مراد. ٥ انظر معاني القرآن وإعرابه (٤/١٠٠) . ٦ سورة الأعراف، الآية: ١٥٧. ٧ قال الطبري: يجدون نعته، وأمرَه، ونبوته. جامع البيان (١٣/١٦٥) وقول المؤلف قريب من هذا. ٨ سورة الطور، الآية: ٣. ٩ سورة البروج، الآية: ٢٢. ١٠ سورة الواقعة، الآية: ٧٨.