المثال الثامن: قول صاحب "الإقناع"(١)، و"المنتهى"(٢) في باب صلاة الجماعة فيمن وجد الصف مرصوصا، ولم يجد شخصا يقف معه، ولا عن يمين الإمام:(فإن لم يمكنه فله أن ينبه بنحنحة أو كلام، أو إشارة من يقوم معه ويتبعه).
فقولهما:(ويتبعه) مبهم فلم يبين حكم اتباعه، وقد قال البهوتي في الكشاف:(وظاهره: وجوبا، لأنه من باب ما لا يتم الواجب إلا به)، ثم جزم بالحكم في شرح المنتهى فقال:(أي: يلزم المُنَّبَه أن يتأخر ليقف معه).
وقال الخلوتي: قوله: (ويتبعه)؛ أي: وجوبا، ولو كان في الصف الأول؛ قال شيخنا:"ولعله لا تفوت عليه فضيلة الصف الأول، لأنه إنما تركه لأمر واجب) (٣). وصرح الغاية بالحكم فقال في "مطالب أولي النهى" (٤): (ويتبعه وجوبا)، ثم قال ما يوافق الشيخ منصور وأنه لا يفوته ثواب الصف الذي رجع عنه:(ويتجه): أنه يثاب على صنعه المعروف بإجابته من نبهه، وتحصيله له فضل الجماعة (ولا يفوته)، أي: المجيب للمنبه (ثواب صف كان فيه)؛ لأنه أعانه على البر والتقوى، وهو متجه).
المثال التاسع: قول صاحب "الإقناع"، و"المنتهى" (٥) في باب البغاة: (وإن استنظروه مدة رجاء رجوعهم فيها أنظرهم).
فلم يذكرا حكم ما لو طلب البغاة الإمام إنظارهم مدة حتى يشارورا لعلهم يتركون القتال، ويتبين لهم خطؤهم؛ قالا: أنظرهم مدة، ولم يبينا حكمَ إنظارِهم، وبينه الشيخُ منصورُ في شرحه للمنتهى بقوله:(وجوبا حفظا لدماء المسلمين).