ومالكًا وأحمد -رحمهم الله-، فإنهم ذهبوا إلى هذا الحديث، وقالوا: لا يقع طلاق المكره ولا عتاقه ولا يصح نكاحه ولا يمينه وإليه ذهب أهل الظاهر.
وقال ابن حزم في "المحلى": وطلاق المكره غير لازم له، ثم روي ذلك عن عمر ابن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عباس -رضي الله عنهم-.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: بل يلزمه ما حلف به في حال الإكراه من يمين، وينفذ عليه طلاقه وعتاقه ونكاحه ومراجعته لزوجته المطلقة إن كان راجعها.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: الشعبي وعمر بن عبد العزيز -في رواية- وأبا قلابة عبد الله بن زيد وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وقتادة وشريحًا -في رواية- والنخعي والزهري وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا؛ فإنهم قالوا: يقع طلاق المكره، وينفذ عتاقه، ويلزمه ما حلف من اليمين.
وروي ذلك عن عمر وابن عمر وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهم-.
وقال ابن حزم قولاً ثالثًا وهو: أن طلاق المكره إن أكرهه اللصوص لم يلزمه وإن أكرهه السلطان لزمه، رويناه عن الشعبي.
وقال قولاً رابعًا أيضًا عن إبراهيم أنه قال: "إن كره ظلمًا على الطلاق [فورَّى](١) إلى شيء آخر لم يلزمه، وإن لم [يور](٢) لزمه ولا ينتفع الظالم [بالتورية](٣) وهو أحد قولي سفيان.
(١) كذا في "الأصل، ك"، وفي "المحلى" (١٠/ ٢٠٣): فورك. آخره "ك" وهو من التوريك في اليمين، وهو نية ينويها الحالف غير ما ينويه مستحلفه، من وركت في الوادي إذا عدلت وذهبت. انظر "النهاية" (٥/ ١٧٧). والذي في "الأصل": من التورية من ورَّى عن الشيء: أي ستره وكنى عنه. انظر "النهاية" (٥/ ١٧٧). (٢) في "المحلى": "يورك". (٣) في "المحلى": "بالتوريك".