وقد فسره في بعض روايات الحديث الذي أخرجه أبو داود (١)، وغيره (٢) في الأدعية قال: "نفثه: الشعر، ونفخه: الكبر، وهمزه: الموتة" والموتة -بضم الميم وفتح التاء المثناة من فوق-: الجنون؛ وسماه همزًا لأنه جعل من النخس والغمز، وكل شيء دفعته فقد همزته.
قوله:"ونفخه" بالخاء المعجمة، وهو الكبير كما قلنا، وهو كناية عما يسوله الإنسان من الاستكبار والخيلاء، فيتعاظم في نفسه، كالذي نفخ فيه، ولهذا قال - عليه السلام - للذي رآه قد استطار غضبًا:"نفخ فيه الشيطان".
قوله:"ونفثه" أي نفث الشيطان، وهو الشعرث إنما سمي النفث شعرًا لأنه كالشيء ينفثه الإنسان من فيه كالرقية، ويقال: المراد منه السحر، وهذا أشبه؛ لما شهد له التنزيل قال تعالى:{وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}(٣).
فإن قيل: ما موقع قوله: "من همزه ونفخه ونفثه" مما قبله؟
قلت: الظاهر أنه بدل اشتمال من الشيطان الرجيم، فافهم.
ص: حدثنا مالك بن عبد الله بن سيف التجيبي، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا أبو معاوية، عن حارثة بن محمَّد بن عبد الرحمن، عن عمرة، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت:"كان رسول الله - عليه السلام - إذا افتتح الصلاة يرفع يديه حذو منكبيه، ثم يكبر، ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك".
حدثنا فهد بن سليمان، قال: ثنا الحسن بن ربيع، قال: ثنا أبو معاوية ... فذكر مثله بإسناده.
(١) "سنن أبي داود" (١/ ٢٦٢ رقم ٧٦٤). (٢) وأخرجه أحمد في "مسنده" أيضًا (٤/ ٨٠ رقم ١٦٧٨٥، ١٦٧٨٦)، (٤/ ٨٢ رقم ١٦٨٠٦)، وغيره من حديث نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه، ورواه عبد الرزاق في "مصنفه" (٢/ ٨٤ رقم ٢٥٨١)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (٦/ ١٧ رقم ٢٩١٢٣) من حديث عبد الله بن مسعود. (٣) سورة الفلق، آية: [٤].