ما لو قال الواحد منا لبعض نسائه "اختاري متى شئتِ" وقال لأُخرى: "اختاري" فإن خيار الأولى يكونُ على التراخي والأُخرى على الفور.
الرابعة: نزول آية التيمم بسبب عقدها حين حبس رسول الله ﷺ الناس، وقال لها أُسيد بن حضير:"ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر"(١).
الخامسة: نزول براءتها من السماء بما نسبه إليها أهلُ الإفكِ في ست عشرة (٢) آية متوالية (٣)، وشهد الله لها بأنها من الطيبات، ووعدها بالمغفرة والرزق الكريم. وانظر تواضعها وقولها:"ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيَّ بوحي يتلى"(٤) قال الزمخشري (٥): "ولو فلَّيتَ القرآن وفتشت (٦) عما أُوعِد به العصاةُ، لم ترَ الله ﷿ قد غلَّظ في شيء تغليظه في إفك عائشة. وعن ابن عباس أنه قال بالبصرة يوم عرفة وقد سُئِلَ عن هذه الآيات: "من أذنب ذنبًا ثم تاب منه قُبِلَتْ توبتُه، إلا مَن خاض في إفكِ عائشة" ثم قال: "برأ الله تعالى أربعةً بأربعة: يوسف بالوليد، وموسى بالحَجَرِ، ومريم بإنطاقِ ولدها:"إني عبد الله" وبرأ عائشة بهذه الآيات العظيمة.
فإن قلت: فإن كانت عائشة المرادةُ فكيف قال: المحصنات؟ قلت: "فيه وجهان: أحدهما أن المراد أزواج النبي ﷺ وليكنِ (٧) الحكمُ
(١) قول الصحابي أسيد بن حضير وتخريج الحديث تقدم في ص ٨٠ فراجعه. (٢) في (أ) و (ب): ستة عشر آية، والصواب ما أثبتنا. (٣) انظر: [النور: ١١ - ٣٦]. (٤) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (٩٧٤٨)، والبخاري في المغازي: باب حديث الإفك (٤١٤١) ومسلم في التوبة: باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف (٧٠٢٠) وأحمد في مسنده (٢٥٦٢٣) إسناده صحيح على شرط الشيخين. (٥) "الكشاف" ٣/ ٦٨ وقد نقله الزركشي عنه بالمعنى والاختصار. (٦) في (ب): نبشت. (٧) في النسخة المطبوعة: ليكون وهو تحريف