ومأخذ الخلاف راجع إلى معنى (الباء) في قوله: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾.
فالذين قالوا: بمسح جميع الرأس ذهبوا إلى أن (الباء) زائدة مؤكدة، فالمعنى: امسحوا رؤوسكم أنفسها، وعليه فيجب مسح جميع الراس على نص الآية (١).
وقال بعضهم: إنّ (الباء) على بابها للإلصاق، ليست بزائدة. والمعنى على ثبوت (الباء) أو سقوطها سواء، وذلك يوجب عموم المسح (٢).
قال ابن الفرس: «وهذا الوجه أحسن؛ لأنّ زيادة (الباء) في هذا الموضع غير معروف في كلام العرب» (٣).
أمّا الذين ذهبوا إلى جواز مسح البعض فقالوا: إنّ (الباء) للتبعيض، فيقتضي مسح بعض الرأس، وكونها للتّبعيض بيانه - عند من قال به - قالوا: إنّ الباء إذا دخلت على فعل يتعدى من غير (باء) اقتضت التبعيض فيه؛ وذلك لأنّ أهل اللسان فرقوا بين قولهم:(أخذت قميص فلان)، وبين قولهم:(أخذت بقميص فلان) فيحملون الأوّل على أخذ جميعه، والثّاني: على التعلق ببعضه، وكذا في الآية، فإذا قال:(مسحت يدي بالمنديل) و (مسحت يدي بالحائط) عقل من ذلك كله التبعيض، فدّل على أن ذلك مقتضاه (٤).
(١) انظر: المغني (١/ ١٧٦)، تيسير البيان للموزعي (٣/ ١٠٦، ١٢١) أحكام القرآن لابن الفرس (٢/ ٣٦٩)، الإكليل (٢/ ٦٢٠). (٢) انظر: المغني (١/ ١٧٦)، تيسير البيان للموزعي (٣/ ١٠٦، ١٢١)، الإكليل (٢/ ٦٢٠). (٣) انظر: أحكام القرآن لابن الفرس (٢/ ٣٦٩). (٤) انظر: تيسير البيان للموزعي (٣/ ١٠٧)، أحكام القرآن لابن العربي (٢/ ٥٧١)، أحكام القرآن لابن الفرس (٢/ ٣٦٩).