وعلى الإمام في إقامة التعزير مراعاة الترتيب والتوبيخ اللائق بالحال في القدر والنوع؛ كما يراعيه في دفع الصائل، ويشترط: أن ينقص مدة الحبس عن سنة، نص عليه في "الأم" في (قتل المؤمن بالكافر)، فقال: ولا يبلغ بحبسه سنة (٢).
(ويجتهد الإمام في جنسه وقدره) لأنه غير مقدر، فوكل إلى رأيه يجتهد في سلوك الأصلح؛ لاختلاف ذلك باختلاف مراتب الناس، (وقيل: إن تعلق بآدمي. . لم يكف توبيخ) لتأكد حق الآدمي، والأصحُّ: الاكتفاء؛ كما في حق الله تعالى.
(فإن جلد. . وجب أن ينقص في عبد عن عشرين جلدة، وحرٍّ عن أربعين) لأن جناية العبد دون جناية الحر، فتعزير الحر يعتبر بحده، وتعزير العبد يعتبر بحده، (وقيل: عشرين) لأنها حد العبد، فهو داخل في المنع في قوله عليه السلام:"مَنْ بَلَغَ حَدًّا فِي غَيْرِ حَدٍّ. . فَهُوَ مِنَ الْمُعْتَدِينَ"، رواه البيهقي وقال: المحفوظ إرساله (٣).
وقيل: لا يزاد في تعزيرهما على عشرة أسواط، وهو قوي مختار؛ لما في "الصحيحين": "لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ، إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ تَعَالَى"(٤)، قال صاحب "التقريب": ولو بلغ الخبر للشافعي. . لقال به.
وأجاب من قال بالأول: إن الخبر منسوخ أو مؤول.
(ويستوي في هذا جميع المعاصي في الأصح)، ويلحق ما هو من مقدمات موجبات الحدود بما ليس من مقدماتها؛ إذ لا دليل على التفرقة، والثاني: لا، بل
(١) الحاوي الكبير (٢٠/ ٩٩)، الشرح الكبير (١١/ ٢٨٩)، روضة الطالبين (١٠/ ١٧٤). (٢) الأم (٧/ ٩٩). (٣) سنن البيهقي (٨/ ٣٢٧) من النعمان بن بشير رضي الله عنهما. (٤) صحيح البخاري (٦٨٥٠)، صحيح مسلم (١٧٠٨) عن أبي بردة الأنصاري رضي الله عنه.