وإنما كان بعيدًا: لأن هذا الحصر لا يوافق اللغة، والعقل.
فإن قيل: إنما حملوا على هذا؛ لأنه ثبت بالدليل صحة الصوم بنية النهار، فيجب ذلك التأويل.
قلنا: يحمل على نفي الفضيلة الذي هو معنى قريب: لأن لا النافية ترد كثيرًا لنفي الفضيلة، كما ذكروه في قوله:"لا صلاة من لم يقرأ بأم القرآن".
ومنها: ما جاء في الحديث: "ذكاة الجنين ذكاة أمه"(١)، حمله الشافعي على ما يوجد في بطنها ميتًا: لأن سبب ورود الحديث أنهم سألوه عما يجدونه في بطن الذبيحة هل يحل أكله، أو لا؟
ولا شك: أن المراد الميت، وإلا لو كان حيًا يذبح، فلا حاجة إلى السؤال عنه: لأنه كسائر الحيوانات المأكولة.
فقولهم: معنى الحديث: ذكاة الجنين كذكاة أمه على التشبيه بعيد جدًا عن المراد (٢).
(١) رواه الإمام أحمد، وابن حبان من حديث أبي سعيد مرفوعًا، وعند البيهقي عن ابن عمر موقوفًا: "إذا نحرت الناقة، فذكاة ما في بطنها في ذكاتها إذا كان قد تم خلقه، ونبت شعره، وإذا خرج من بطنها حيًا ذبح حتى يخرج الدم من جوفه". راجع: المسند: ٣/ ٣١، ٣٩، ٤٥، ٥٣، وموارد الظمآن: ص/ ٢٦٥، والسنن الكبرى: ٩/ ٣٣٥. (٢) راجع: المحلي على جمع الجوامع: ٢/ ٥٥، والغيث الهامع: ق (٧٤/ أ)، وهمع الهوامع: ص/ ٢١٩.