ثم النهي بخلاف الأمر في أمور منها: أن حكم النهي التكرار، فيستلزم الدوام، ومنها: الفور، فيجب الانتهاء في الحال. ومنها: أن تقدم الوجوب في النهي لا يصلح قرينة دالة على أنه للإباحة، نقل الأستاذ الإجماع على ذلك، بل صيغته ظاهرة في الحظر مطلقًا، بخلاف الأمر: لأن تقدم الحظر كان قرينة دالة على أنه للإباحة عند الجمهور.
وفي كلام المصنف بحث من وجهين: الأول: أنه قال: وقضيته الدوام. ولم يقل: والنهي يدل على الدوام، وذكر في شرحه على مختصر ابن الحاجب: أن قول الشيخ ابن الحاجب: "وحكم النهي التكرار". ولم يقل: يدل على التكرار في غاية الحسن (٢): لأن التكرار في النهي من ضرورة الواقع لا من الصيغة، فبدل لفظ الحكم هنا بقوله: وقضيته الدوام. وهذا كلام غريب، إذ لو لم تدل الصيغة على التكرار كيف كان يستفاد منها (٣)؟ وابن الحاجب ذكر في الأمر: أنه لا يدل على التكرار عند الجمهور (٤)، فلو كان ما فهمه المصنف من كلامه، كما فهمه تناقض كلام ابن الحاجب.
(١) سبق بيان ذلك في ص/ ١٨٨ وما بعدها. (٢) راجع: رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب: (١/ ق/ ٢٢٧/ أ). (٣) يرى العلامة العبادي: بأنه لا غرابة، ولا إشكال في كلام المصنف كما توهم ذلك الشارح: لأن المصنف لم يرد نفي دلالة الصيغة مطلقًا، بل نفى دلالتها الوضعية، مطابقة، كانت، أو تضمنًا. راجع: الآيات البينات: ٢/ ٢٤٣. (٤) راجع: المختصر وعليه شرح العضد: ٢/ ٨١ - ٨٢.