للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا هو المفهوم من التركيب والمأخوذ من كلام أهل العربية إذ قالوا: إنك إذا قلت: لا عالم إلا زيد، فهو كلام مع من أخطأ في الحكم بأن اعتقد أن العالم عمرو لا زيد، أو اعتقد أن العالم زيد وعمرو كلاهما.

فإذا قلت: لا عالم إلا زيد لزم من إثباتك العلم على وجه الحصر انتفاؤه عن الغير، وخطأ ذلك الاعتقاد. وفي بعض كتب الأصول أن النفي هو المنطوق (١) وكأنه نظر إلى [تسلط النفي] (٢) على صدر الكلام.

فإن قلت: قد اتفقوا على أن معنى الاستثناء هو الإخراج، فيكون منطوقه هو المخرج المنفي.

قلت: التحقيق أن الإخراج مجاز عن عدم الدخول؛ لأن الإخراج إما عن الحكم، فلم يكن المستثى داخلًا في الحكم حتى يخرج؛ إذ لم يقل أحد: إن زيدًا -في جاءني القوم إلا زيدًا- كان داخلًا في الحكم، ثم أخرج.

وإن أريد إخراجه من اللفظ العام، أي: مما تناوله، فذلك باطل؛ إذ بالاستثناء لم يخرج زيد عن القوم مثلًا.

ومن الألفاظ الدالة على مفهوم المخالفة ضمير الفصل بين المحكوم عليه والمحكوم به، مثل قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ} [الذاريات: ٥٨] وقوله: {كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} [المائدة: ١١٧]، وهذا إنما يتم لو استفيد


(١) راجع: الإحكام للآمدي: ٢/ ٢٣٤.
(٢) في (أ): "سلطة النفي" وكلاهما صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>