قال قتادة: قال قوم عبد الله بن أبي: لو أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستغفر لك. فجعل يلوي رأسه، فنزلت هذه الآية (١).
وقال أكثر المفسرين: إنما دعي إلى الاستغفار؛ لأنه كان قد قال:{لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ}، وقال:{لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ}، فقيل له: تعال يستغفر لكم رسول الله فلوى رأسه وقال: ماذا قلت؟. فذلك قوله:{لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ}(٢) قال مقاتل: عطفوا رؤسهم رغبة عن الاستغفار (٣).
وقرئ (لووا) بالتخفيف من الليّ، وهو يصلح للقليل والكثير، ويشهد لهذه القراءة قوله:{لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ}(٤) و (لَوَوْا) من الليّ. وقُرئ بالتشديد (٥)، وهو يختص بالكثرة، والفعل هاهنا لجماعة فهو كقوله:{مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ}[ص: ٥٠] على أنه قد جاء:
(١) أخرجه ابن جرير، وابن المنذر، وعبد الرزاق في "التفسير"، وعبد بن حميد. انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٢٩٤، و"جامع البيان" ٢٨/ ٧١، و"الدر" ٦/ ٢٢٤، وقال ابن حجر: ووقع في مرسل الحسن، وأخرجه عبد بن حميد من طريق قتادة، ومن طريق مجاهد، ومن طريق عكرمة "فتح الباري" ٨/ ٦٤٨. (٢) وهو المروي عن أكثر أهل التفسير والسير. انظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٢٩٤، و"جامع البيان" ٢٨/ ٧٠، و"الكشف والبيان" ١٣/ ١٢٨/ أ، و"أسباب النزول" ٤٩٦. (٣) انظر "تفسير مقاتل" ١٥٦/ أ، و"زاد المسير" ٨/ ٢٧٦. (٤) قال تعالى {وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ} [النساء: ٤٦]. (٥) قرأ نافع، ويعقوب من طريق روح، والمفضل، عن عاصم: {لَوَّوْا} بالتخفيف. وقرأ الباقون: {لَوَّوْا} بالتشديد. انظر: "حجة القراءات" ٧٠٩، و"النشر" ٢/ ٣٨٨، و"الإتحاف" ٤١٦، "معاني الأخفش" ٢/ ٧٠٩.