الليل، (٣٦) وافتتاحه بركعتين خفيفتين، (٣٧) ووقته من الغروب إلى طلوع الفجر،
كان يؤذن للمغرب الساعة السادسة، وتطلع الشمس في الساعة السادسة: فإن الليل يكون اثنتي عشرة ساعة، فينام ست ساعات نصفها، ثم يقسِّم الست الباقية إلى ثلاثة أجزاء، كل جزء تكون مدته ساعتين، فينام ساعتين، ويصلي ساعتين، ثم ينام ساعتين إلى أذان الفجر، وهذا الأخير يُعتبر سدس الليل؛ للسنة القولية؛ حيث بيَّن ﷺ أن ذلك أفضل الصلاة، وهي صلاة داود ﵇، فإن قلتَ: لمَ كان ذلك الأفضل؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك يأتي بعد أخذ قسط كبير من الراحة، وفي وقت من أوقات الاستجابة كما قال ﷺ:"ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له"، ونومه في السدس الأخير من الليل يُكسبه قوة لصلاة الفجر، ولعمله فيما بعدها.
(٣٦) مسألة: قيام الليل سنة مؤكَّدة؛ للسنة الفعلية؛ حيث كان ﷺ يداوم على قيامه، وقد حثَّ الشارع على قيامه بنصوص كثيرة، فإن قلتَ: لمَ شرع ذلك؟ قلتُ: للمصلحة، وقد سبقت.
(٣٧) مسألة: يُستحب أن يبدأ قيام الليل بركعتين خفيفتين، وأن يتسوَّك قبلهما، وأن يُكبِّر الله، ويحمده، ويُسبِّحه، ويُهلِّل، ويستغفره، وأن يدعو بالهداية والرزق والعافية ويتعوذ من شياطين الإنس والجن، ومن ضيق يوم القيامة، وأن يقرأ القرآن بجهر، أو سر على حسب الحال؛ للسنة الفعلية؛ حيث كان ﷺ يبدأ صلاة الليل بركعتين خفيفتين، ويتسوَّك قبلهما، ويُكبر الله ويدعو، ويقرأ القرآن "ورُبَّما أسر ورُبَّما جهر" - كما روت عائشة - فإن قلتَ: لمَ استُحب ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه تعرُّض لنفحات الله تعالى، وفيه تهيئة وإعداد لصلاة التهجُّد.