ولا يقومه كله إلا ليلة عيد، ويتوجَّه وليلة النصف من شعبان (٣٨)(وصلاة ليل ونهار مثنى مثنى)؛ لقوله ﷺ:"صلاة الليل والنهار مثنى مثنى" رواه الخمسة، وصحَّحه الترمذي، و"مثنى مثنى" معدول عن اثنين اثنين، ومعناه: معنى المكرَّر،
(٣٨) مسألة: وقت صلاة الليل يبدأ من غروب الشمس إلى طلوع الفجر الصادق، فلو صلى بعد المغرب ناويًا أنها صلاة ليل: صحَّ منه ذلك، لكن الأفضل: هو الثلث الأوسط من النصف الثاني من الليل - كما سبق في مسألة (٣٥) -، ويُكره قيام الليل كله؛ لقاعدتين: الأولى: السنة الفعلية؛ حيث قالت عائشة:"ما رأيتُ رسول الله ﷺ قام ليلة حتى الصباح" الثانية: التلازم؛ حيث يلزم من تسمية ذلك صلاة ليل: أن يصلي في أي وقت من دخول الليل وهو: من غروب الشمس حتى طلوع الفجر؛ لصدق اسم الليل عليه، فإن قلتَ: لمَ كان وقت الليل كله يصح أن تصلى فيه صلاة الليل؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه توسعة على الناس، ومراعاة أحوالهم، فإن قلتَ: لمَ كره قيامه كله؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن نوم الليل لا يُعوض عنه أيُّ نوم آخر، فلو سهر الليل كله لتضررت صحته، وتعطَّلت مصالحه، وأصبح عالة على المجتمع، فإن قلتَ: لا يكره قيام ليلة العيد كلها، وليلة النصف من شعبان - وهو ما ذكره المصنف هنا -؛ لفعل الصحابي؛ حيث كان ابن عمر ﵃ يُحيي ليلة العيد، وتقاس ليلة النصف من شعبان عليها قلتُ: لا حجة في فعل ابن عمر؛ لأنَّه معارض للسنة الفعلية التي ذكرتها عائشة، وإذا بطل: بطل ما قيس عليه، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه "تعارض فعل الصحابي مع السنة الفعلية" فعندنا: يعمل بالسنة الفعلية، وهي هنا: من باب التروك، وعندهم: يُعمل بفعل الصحابي؛ لكون الترك ليس بفعل عندهم.