(وفروضه) أي: فروض التيمُّم: (مسح وجهه) سوى ما تحت شعره ولو خفيفًا وداخل
= الآية نفت عموم الحرج عن الأمة؛ لأن لفظ "حرج" نكرة في سياق نفي، وهذا من صيغ العموم القطعية؛ لأن النكرة مسبوقة بـ "مِنْ" الجارَّة؛ الثانية: السنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"جُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل" فهنا قد أوجب الصلاة بالتيمم - إن لم يجد الماء -؛ لأن الأمر مطلق، فيقتضي الوجوب، وهو مطلق في الأمكنة والصفات؛ إذ لم يُقيد بما له غبار أو لا، الثالثة: السنة الفعلية؛ حيث "إنه ﷺ لما ضرب بيديه الأرض نفخ فيهما" ويلزم من النفخ إزالة الغبار، وهذا يدل على عدم اشتراط الغبار هنا، فإن قلتَ: لِمَ أبيح ذلك مطلقًا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنه لو اشترط وجود الغبار فيما يُتيمم به: للحق كثيرًا من الناس حرج وضيق ومشقة؛ لقلة ما له غبار، فإن قلتَ: يُشترط أن يكون المتيمَّم به له غبار يعلق بباطن الكفين - وهو ما ذكره المصنف هنا -؛ للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ فيلزم من لفظ "منه" أن يكون الممسوح به له غبار قد عَلُق باليد؛ لأن حرف مِنْ هنا للتبعيض، قلتُ: لا يُسلَّم أن "مِنْ" للتبعيض، بل هو لابتداء الغاية، وقد سبق بيانه، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: حرف "مِنْ" الواردة في الآية هل هي للتبعيض فيُقيد ذلك السنة القولية والفعلية، أو هو لابتداء الغاية فلا يُقيد شيئًا، فعندنا: حرف لابتداء الغاية، وعندهم: حرف تبعيض، تنبيه: قوله: "وإن اختلط التراب بذي غبار غيره" هذا قد بناه المصنف على مذهبه وهو: اشتراط كون المتيمَّم به ترابًا له غبار، فلو اختلط به غيره مما لا يُتيمم به في نظره: فلا يُتيمم به؛ قياسًا على ماء طهور اختلط به ماء طاهر، وهذا الشرط غير صحيح - كما سبق - وقياسه هذا فاسد؛ لأنه مع الفارق؛ حيث إن الماء الطاهر قد ثبتت أدلة بعدم جواز التطهر به، أما غير التراب: سواء له غبار أو لا فقد ثبتت أدلة بجواز التيمُّم به كما سبق في هذه المسألة، ومسألة (٢٣).