للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعقد)؛ حيث لا خيار (ولم يصح تصرُّفه فيه) ببيع، أو هبة، أو إجارة، أو رهن، أو حوالة (حتى يقبضه)؛ لقوله : "من ابتاع طعامًا: فلا يبعه حتى يستوفيه" متّفق عليه، ويصحّ عتقه، وجعله مهرًا، وعِوَض خلع، ووصية به، وإن اشترى المكيل ونحوه جزافًا: صحّ التصرُّف فيه قبل قبضه؛ لقول ابن عمر : "مضت السنة أن ما أدركته الصفقة حيًا مجموعًا: فهو من مال المشتري" (٧٩) (وإن

(٧٩) مسألة: إذا اشترى زيد من بكر شيئًا مكيلًا أو موزونًا كالبر والتمر، أو معدودًا كالبطيخ، أو مذروعًا كالأقمشة: فإن هذا صحيح، ويلزم بمجرّد العقد، بلا خيار، ولكن لا يجوز للمشتري - وهو زيد هنا - أن يتصرَّف بما اشتراه تصرُّفًا فيه عوض قبل قبضه كبيعه، أو رهنه، أو إجارته، أو هبته: سواء كان البيع لهذه الأمور جاء جزافًا، أو بغير ذلك، أما إن تصرّف فيه قبل قبضه تصرّفًا لا يُقصد منه العوض كأن يعتق المشتري العبيد الذين اشتراهم قبل عدِّهم، أو أن يجعل الطعام الذي اشتراه مهرًا، أو عوضًا عن خُلع، أو أوصى به: فإنه يجوز ولو لم يقبضه؛ للسنة القولية: حيث قال : "من ابتاع طعامًا: فلا يبعه حتى يستوفيه" والنهي هنا مطلق، فيقتضي التحريم والفساد، ومفهوم الغاية دلَّ على أنه إذا استوفاه وقبضه: فيُباح له أن يتصرَّف به ومفهوم الموافقة دل على أن أيَّ شيء فيه عِوَض كالإجارة، والرهن، والهبة بعوض، ونحوها، لا يجوز التصرُّف فيه كالبيع، لأن المقصود هو: أن المشتري قد لا يستطيع تسليم السلعة التي اشتراها لمن اشتراها منه قبل قبضها من بكر؛ لكون بكر قد يطمع فيمنع عين السلعة وهو عام لبيع الطعام أي: سواء كان جزافًا أو جملة وغير ذلك؛ لأن "مَنْ" من صيغ العموم ويدل مفهوم الصفة على: أن غير البيع مما لا عِوَض فيه يجوز أن يتصرَّف فيه قبل قبضه كأن يُعتقه، أو يجعله مهرًا ونحو ذلك، فإن قلتَ: لِمَ جاز للمشتري أن يتصرَّف بالمبيع قبل قبضه إن كان في عتق أو مهر، أو عوض خلع، أو وصية؟ قلتُ: لقوة سراية العتق، ولاغتفار الغرر اليسير في المهور وعوض الخلع، =

<<  <  ج: ص:  >  >>