(أو فكَّر فأنزل): لم يُفطر؛ لقوله ﷺ:"عفي لأمتي ما حدَّثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تتكلَّم به" وقياسه على تكرار النظر غير مسلَّم؛ لأنه دونه (١٤)(أو احتلم): لم
حصل له بعض النشاط أو لا؛ للقياس، بيانه: كما أن النائم وهو صائم إذا دخل في فمه شيء من ذلك: لا يفسد صومه فكذلك الصائم غير النائم مثله، والجامع: صعوبة التحرز من ذلك في كل، فإن قلتَ: لِمَ شرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة حيث إن ذلك مما تعمُّ به البلوى؛ إذ لو فسد صوم الصائم بذلك: للحق كثيرًا من الناس مشقة، فدفعًا لذلك شُرع.
(١٤) مسألة: إذا فكَّر الصائم بزوجته أو بغيرها فأنزل منيًا: فلا يفسد صومه؛ للسنة القولية؛ حيث قال:ﷺ"عُفي لأمتي ما حدَّثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلَّم به " وهذا عام فيشمل ما نحن فيه؛ لأن "ما" في قوله: "ما حدَّثت" اسم موصول وهو من صيغ العموم، فيكون المنزل منيًا بسبب التفكير لا يفسد صومه؛ لكونه معفوًا عنه، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن التفكير يغلب على الإنسان عادة، وقد يشق دفعه على كثير من الناس، فلذلك عُفي عنه فلا يؤثر على الأحكام سلبًا، وهذا في الصوم وغيره، فإن قلتَ: إنه يُفسد الصوم إذا صاحبه إنزال وهو قول كثير من العلماء؛ للقياس، بيانه: كما من كرر النظر لزوجته أو لغيرها فأنزل منيًا يفسد صومه ـكما سبق في مسألة (٨) -، فكذلك من فكَّر فأنزل مثله والجامع: أن كلًّا منهما لم يُباشر وأنزل بقصد قلتُ: هذا فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ لأن التفكير يغلب على الإنسان غالبًا؛ بخلاف تكرار النظر فإن الناظر يقوى غالبًا على صرف نفسه عن المنظور، وأيضًا: التفكير أضعف في استدعاء الشهوة وإفضائه إلى الإنزال من تكرار النظر، لعدم وجود شيء أمام المفكِّر، بخلاف المكرر للنظر فيُوجد أمامه شيء، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه "تعارض القياس مع عموم السنة" فعملنا بعموم السنة لضعف القياس؛ وهم عملوا بالقياس لقوته عندهم.