وفي المصنف (١) عن الضحاك: عاشوراء يوم التاسع قيل: لأنه مأخوذ من العشر بالكسر في وراد الإِبل تقول العرب: عشر إذا أوردت اليوم التاسع؛ لأنهم يحسبون في الأظماء يوم الورود، فإذا قامت في الرعي يومين ثم وردت في الثالث قالوا: وردت رابعًا، وإن رعت ثلاثًا وفي الرابع وردت قالوا: وردت خمسًا، وإن بقيت فيه ثمانية وردت في التاسع قالوا: وردت عشرًا فيحسبون في كل هذا بقية اليوم الذي وردت فيه، وأول اليوم الذي تردد فيه بعده وعلى هذا يكون التاسع عاشوراء.
وقال القاضي عياض والنووي (٢): الذي تدل عليه الأحاديث كلها أنه العاشر، وهو مقتضى اللفظ، وتقدير أخذه من الإِظماء بعيد، وحديث ابن عباس الثاني يرد عليه؛ لأنه قال في (مسلم)(٣) وغيره أنه - صلى الله عليه وسلم - صام عاشوراء وأمر بصيامه فقيل: إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال: "إذا كان العام المقبل صمنا اليوم التاسع". فلم يأت العام المقبل حتى توفي - صلى الله عليه وسلم - فقد طرح بأن الذي كان يصومه ليس هو التاسع فتعين (ق ٤٠٠) كونه العاشر والتاسع، لم يبلغ، ولعله لو بلغه صامه مع العاشر كما في حديث:"فصوموا التاسع والعاشر"(٤)، وإلى استحباب الجمع بينهما ذهب مالك والشافعي وأحمد حتى لا يتشبه باليهود في آخر العاشر وقيل: للاحتياط في تحصيل عاشوراء للخلاف فيه والأول أولى.
٣٧٤ - أخبرنا مالك، أخبرنا ابن شهاب، عن حُمَيْد بن عبد الرحمن بن عوف، أنه سمع معاوية بن أبي سفيان عام حَجَّ، وهو على المنبر يقول: يا أهل المدينة أين علماؤكم، سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"هذا يوم عاشوراءَ لم يكتب الله عليكم صيامه، وأنا صائم، فمن شاءَ فليصم، ومن شاء فليُفطر".
(١) أخرجه: ابن أبي شيبة (٢/ ٤٧٤) بإسناد صحيح. (٢) انظر: شرح النووي على مسلم (٨/ ١١). (٣) أخرجه: مسلم (١١٣٠)، وأبو داود (٢٤٤٥)، والبيهقي في الكبرى (٨٤٨٦). (٤) أخرجه: عبد الرزاق في مصنفه (٧٨٣٩) من حديث ابن عباس. (٣٧٤) أخرجه: البخاري (١٨٩٩)، ومسلم (١١٢٩)، ومالك (٦٥٢)، والنسائي في الكبرى (٢٨٥٥)، (٢٨٥٧)، وابن حبان (٣٦٢٦)، وابن خزيمة (٢٠٨٥)، والشافعي في المسند (٧٨٤)، والطبراني في الكبير (١٩/ ٣١٣)، حديث (٧٠٨)، والأوسط (١٢١٥)، والبيهقي في الكبرى (٨٥٠١).