الصحيح ما روى ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما عن عطاء قال: جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تشكو زوجها فقال:"أتردين عليه حديقته التي أصدقك" قالت: نعم وزيادة قال: "أما الزيادة فلا"(١)، وأخرج الدارقطني (٢) عن عطاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا يأخذ الرجل من المختلعة أكثر مما أعطاها" فأمّا إذا جاء النشوز أي: العصيان والشقاق من قبله بكسر القاف (ق ٥٩٨) وفتح الموحدة وكسر اللام أي: من جانب الرجل لم نُحبّ له أي: لا نرضى بل يكره أن يأخذ منها أي: بدلًا عن خلعها قليلًا ولا كثيرًا، وقال مالك: لا يجوز لقوله تعالى في سورة النساء: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}[النساء: ٢٠] وإن أخذ أي: شيئًا بعد نشوزه فهو أي: فأخذه جائز في القضاء، أي: لا يجوز في الديانة كما قال المصنف وهو مكروه له في ما بينه وبين ربه، وهو أي: جواز الأخذ قضاء لا ديانة قولُ أبي حنيفة والعامة من فقهائنا.
لما فرغ من بيان مشروعية الخلع إجمالًا، شرع في بيان كمية وقوع الطلاق في الخلع، فقال: هذا
* * *
[باب الخلع كم يكون من الطلاق]
في بيان أحكام الخلع كم يكون أي: الخلع من الطلاق، الخلع بضم الخاء المعجمة وسكون اللام والعين المهملة: إبانة الرجل زوجته كما يقال: خلع امرأته خلعًا كذا قاله محمد الواني من أهل اللغة، والخلع طلاق بائن عند أبي حنيفة.
وقال أحمد وإسحاق بن راهويه في القديم: هو فرقة بغير طلاق لما روى عبد الرزاق (٣) في مصنفه من رواية طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لو طلق رجل امرأته تطليقتين ثم اختلعت منه حل له أن ينكحها، ذكر الله تعالى الطلاق في أول
(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٦/ ٥٠٢). (٢) الدارقطني (٣/ ٢٥٥). (٣) في المصنف (٦/ ٤٨٧).