ووجه غرابته أن الرفع لا يسمى إشارة، وإنما محل ذكره الإِشارة الآتية في حال التشهد، ثم قال: أي: - عليه السلام - بعد رفع يديه في حال الانتقال:"سمع الله لمن حمده"، أي: قيل: الله حمد من حمده؛ لأن السماع يذكر ويراد القبول مجازًا، كما يقال: سمع الأمير كلام فلان في الحديث: "أعوذُ بك من دعاءٍ لا يُسمع"، أي: لا يُستجاب، والهاء للسكتة، والاستراحة، والكناية - كما في (مراقي الفلاح) - ثم قال: أي: حال الاعتدال: "ربنا لك الحمد"، أي: بدون الواو.
قال الفاضل السيد محمد الزرقاني (١): قال العلماء: الرواية بثبوت الواو، وهي زائدة، وقيل: عاطفة على محذوف، أي: حمدناك، وقيل: هي واو الحال، قاله ابن الأثير، وضعَّف ما عداه، واستدل به على أن الإِمام يجمع بين اللفظين؛ لأن غالب أحواله - صلى الله عليه وسلم - الإِمامة، وعليه الشافعي وأبو يوسف ومحمد وجماعة، أن الإِمام والمأموم والفذ يقول اللفظين.
وقال مالك وأبو حنيفة: يقول الإِمام: سمع الله لمن حمده فقط، والمأموم: ربنا لك الحمد فقط.
الحديث:"إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده، (ق ١٠٤) فقولوا: ربنا ولك الحمد"(٢)، فقصر الإِمام على قوله ذلك، والمأموم على الآخر، وهذه قسمة منافية للشركة كحديث:"البينة على المدعي، واليمين على من أنكر".
وأجابوا عن هذا الحديث بحمله على صلاته - صلى الله عليه وسلم - منفردًا، أو على صلاة النافلة، توفيقًا بين الحديثين، والمنفرد يقول: سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد، يعني: يجمع ما بينهما.