فأخبرهم فقالوا: اخترنا فاختاروا الطاعون، فمات منهم إلى أن زالت الشمس سبعون ألفًا وقيل: مائة ألف فتضرع داود إلى الله فرفعه.
وورد وقوع الطاعون في غير بني إسرائيل فيحتمل أن يكون هذا المراد بقوله: أو من كان قبلكم، فمن ذلك ما أخرجه الطبري وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: أمر موسى ببني إسرائيل أن يذبح كل رجل منهم كبشًا، ثم يخضب كفه في دمه، ثم يضرب على بابه ففعلوا، فسألهم القبط عن ذلك فقالوا: إن الله يبعث عليكم عذابًا وإنا ننجوا منه بهذه العلامة، فأصبحوا وقد مات من قوم فرعون سبعون ألفًا فقال فرعون عند ذلك لموسى صلوات الله على نبينا وعليه:{ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} الآية [الأعراف: ١٣٤] فدعا فكشفه عنهم، وهذا مرسل جيد الإِسناد كذا قاله الزرقاني (١) فإذا سمعتم به أي: بوقوع الطاعون بأرضٍ أي: في بلد وأنتم خارجون عنه فلا تدخلوا عليه، أي: احتراسًا واجترازًا من الإِلقاء بأيديكم إلى التهلكة وإذا وقع أي: الطاعون في أرضٍ أي: وأنتم فيها فلا تخرجوا فرارًا منه" أي: من الطاعون، فإن الفرار من الموت محذور غير محظور قال تعالى في سورة البقرة:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا}[البقرة: ٢٤٣].
وفي التقييد: بالفرار إشعارًا بأن خروجه لضرورة دينية أو دنيوية جاز.
قال محمد: هذا حديثٌ معروف، أي: مشهور عند المحدثين قد رُوي عن غير واحدٍ، أي: عن كثير، وفي نسخة: من غير واحد أي: من طرق كثيرة، فقد روى أحمد (٢) والبخاري (٣) ومسلم (٤) والنسائي (٥) عن أسامة بن زيد بلفظ: "إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوا عليه، وإذا وقع وأنتم بأرض فلا تخرجوا فرارًا منه"، وفي رواية للشيخين عن أسامة بلفظ: "الطاعون بقية رجز وعذاب أرسل على طائفة من بني إسرائيل، فإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها فرارًا منه، وإذا وقع بأرض ولستم بها
(١) في شرحه (٤/ ٢٩٩). (٢) أحمد (٥/ ٢٠٦). (٣) البخاري (٥٣٩٦). (٤) مسلم (٢٢١٨). (٥) النسائي في الكبرى (٤/ ٣٦٢).