الصديق رضي الله عنه قريبةَ بفتح القاف وكسر الراء المهملة وسكون التحتية وفتح الموحدة فتاء تأنيث على وزن حبيبة، ويقال: بالتصغير ابنةَ أبي أُميّة، بن المغيرة المخزومية الصحابية أخت أم سلمة أم المؤمنين، وكانت موصوفة (ق ٦٠٥) بالجمال روى عمر بن شيبة لما فُتحت مكة قال سعد بن عبادة: ما رأينا من نساء قريش ما كان يذكر من جمالهن فقال - صلى الله عليه وسلم -: "هل رأيت من بنات أبي أمية قريبة" فَزُوِّجَتْه، بصيغة المجهول أي: زوجها أهلها إياه، وبصيغة المعلوم أي: صارت عائشة رضي الله عنها سببًا لتزويج قريبة إلى أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ثم إنهم أي: أهلها عتبوا بفتح الفوقية أي: غضبوا على عبد الرحمن بن أبي بكر والمعنى: أن قوم قريبة كرهوا بعض ما عنده من سوء الخلق أو قلة الرزق وقالوا: ما زوّجنا إلا عائشة، أي: إنما وثقنا بفضلها وحسن خلقها وإنها لا ترضى لنا بإيذاء ولا أضرار في وليتنا، يعني ما صار سبب زوجنا إلا هي وشكوا عنه عندها فأرسلت أي: عائشة إلى عبد الرحمن فذكرت ذلك له، أي: إما حضورًا أم غيبة فجعل عبد الرحمن أمر قُرَيْبَة بيدها، فاختارته أي: زوجها عبد الرحمن وقالت: ما كنتُ لأختار عليك أحدًا، أي: وإنما ذلك الكلام من باب العتاب في المقام فقرّت تحته، أي: فاستقرت واستمرت معه فلم يكن ذلك أي: اختيارها له طلاقًا.
وفي (جامع الترمذي) اختلف أهل العلم في الخيار، فروى عن عمر وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما أنهما قالا: إن اختارت نفسها فواحدة بائنة، وروى عنهما أيضًا: إنما قالا واحدة تملك الرجعة وإن اختارت زوجها فلا شيء، وروى عن علي رضي الله عنه أنه قال: إن اختارت نفسها فواحدة بائنة وإن اختارت زوجها تملك الرجعة.
وقال زيد بن ثابت: إن اختارت زوجها فواحدة وإن اختارت نفسها فثلاث انتهى.
ولنا إن اختارت زوجها لم يقع شيء وهو قول أكثر أهل العلم، لما روى البخاري (١) ومسلم (٢) من حديث عائشة قالت: "خيرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - فاخترنا الله تعالى ورسوله، فلم يعد ذلك شيئًا" ففيه بحث، والله أعلم.