واحتجّ برؤيا يوسف عليه السلام:{هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا}[يوسف: ١٠٠]، قال: فلو كانت رؤيا الأنبياء كلّها حقّا ما قال: {قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا}.
قلتَ: واحتجّ عليه من خالفه ولم يُجوِّز على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الضغث في رؤياه بقول ابن عبّاس - رضي الله عنهما -: "رؤيا الأنبياء وحي"(١)، ويقوله:{إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ}[الصافات: ١٠٢]، واحتجّ - أيضًا - بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ، وَلاَ يَنَامُ قَلْبي"(٢).
قال: ولو كان هو وغيره سواء (٣).
فأَفْتِنا بالصواب مأجورًا إن شاء الله تعالى.
فالجواب:
إنّ الصحيح عندنا في هذه المسألة ما قاله ابن عبّاس:"رؤيا الأنبياء حقّ"؛ لأنّه قد روى عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"إِنَّا مَعَاشِرَ الأنبِيَاءِ تَنَامُ أَعْيُنُنَا وَلاَ تَنَامُ قُلُوبُنَا"(٤)، وما نزع به ابن عبّاس من كتاب الله قوله تعالى:{يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ}، فجعله مأمورًا
(١) أخرجه الطبراني في "الكبير" (١٢٣٠٢)، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ١٧٦): "رواه الطبراني عن شيخه عبد الله بن محمّد بن أبي مريم، وهو ضعيف، وبقيّة رجاله رجال الصحيح"، وعزاه ابن كثير (٤/ ١٤) إلى ابن [أبي] حاتم، لكن في إسناده: "سماك عن عكرمة"، وهو مضطرب فيه. (٢) سبق عزوه إلى مظانّه، انظر (ص ١٥٨). (٣) كذا في الأصل، ويظهر أنّ الكلام غير تامّ. (٤) سبق (ص ١٦٠).