[الفصل الحادي عشر تفاضل الأعمال باعتبار الأحوال المصاحبة لها]
من أنواع التفاضل بين الأعمال التي دلت عليها النصوص اقترانها ببعض الأحوال المؤثرة في زيادة أجرها أو مضاعفته.
ويمكن تقسيم هذه الأحوال من حيث الجملة إلى قسمين رئيسين:
أحوال عامة، وأحوال خاصة.
فالعامة: هي الأحوال المتعلقة بعامة الناس في عصر من العصور أو مصر من الأمصار، ويندرج تحت هذا القسم عدة أحوال دلت النصوص على تأثيرها في تفضيل الأعمال المصاحبة لها، ومن هذه الأحوال:
أولاً: حال فساد الناس وظهور الفتن.
فقد دلت الأحاديث على تفضيل العمل في هذه الحال كما أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال:«بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ غريبا فطوبى للغرباء». (١)
وأخرج الطبراني من حديث سهل بن سعد أن رسول الله ﷺ سئل بعد ذكر الحديث «ومن الغرباء يا رسول الله؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس». (٢)
ففي الحديث الثناء على الغرباء الذين وصفهم النبي ﷺ بأنهم يصلحون إذا أفسد الناس، أي يعملون بالدين، ويتقربون بصالح الأعمال، إذا ترك الناس
(١) أخرجه مسلم ١/ ١٣٠ ح (١٤٥). (٢) أخرجه الطبراني في الأوسط ٤/ ٦٥ ح (٣٠٨٠) وأخرجه الهيثمي في المجمع وصححه ٧/ ٢٧٨، وللحديث عدة شواهد من حديث عبد الله بن مسعود، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمرو، وحكم الألباني بصحة أسانيدها، انظر الأحاديث الصحيحة ٣/ ٢٦٧ ح (١٢٧٣).