فأمضاه إلى سعد، فأقبل معه وتبعته المجنّبات. وخرج هاشم وخرج سعد في إثره وقد فلّ زهرة كتيبة كسرى بوران [حول][١] المظلم [٢] ، وانتهى هاشم إلى مظلم ساباط، ووقف لسعد حتى لحق به، وكانت به كتائب كسرى تدعى:«الأسود» ، يحلفون بالله كلّ يوم:
- «لا يزول ملك فارس ما عشنا.» فتنادوا ورئيسهم المقرّط. وقال المقرّط:
- «إلىّ إلىّ.» وذلك لما انتهى إليه. فنزل إليه هاشم فقتله. فقبّل سعد رأس هاشم، وقبّل هاشم قدم سعد. وقدم سعد إلى بهرسير، فنزل إلى المظلم وقرأ: أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ من قَبْلُ ما لَكُمْ من زَوالٍ. ١٤: ٤٤ [٣] ثم ارتحل فنزل بهرسير. وجعل المسلمون كلّما قامت طائفة على بهرسير، وقفوا، ثمّ كبّروا كذلك، حتى انجرّ [٤] آخر من مع سعد، فكان مقامه على بهرسير شهرين. وعبروا في الثالث، وذلك أنّهم أقاموا شهرين يرمونهم بالمجانيق، ويدبّون إليهم بالدبابات، ويقاتلونهم بكلّ عدّة. وكان [٣٨٣] سعد استصنع شيرزاد عشرين منجنيقا، فشغلوهم بها. وكانت العرب مطيفة ببهرسير والعجم متحصّنة فيها. وربما خرج الأعاجم يمشون على المسنّيات المشرفة على دجلة في العدّة والعديد لقتال المسلمين، فلا يقومون لهم. فكان آخر ما خرجوا في رجّالة، وناشبة تجرّدوا للحرب، وتبايعوا على الصبر، فقاتلهم المسلمون ولم يلبّثوهم [٥] ، فكذبوا وتولّوا.